قبل أكثر من شهر شهد العالم إعدام شهيد الثبات ، صدام حسين ، عرفنا وعن كثب كيف يكون للموت قيمة ومعنى .. وصدى لا يذبل بريقه أو ينطفىء وميضه ...وكيف إننا نتمناه ونشتاقه إن كنا سنموت ونحن واقفون بكبرياء كما فعل وخصوصاً إذا كنا نقف على هاوية يدحرجها الخوف ورؤوس مقطوعة نحملها بين أيدينا .. وقلوب مرتعشة لم يعد نبضها يعني لها شيء ولا دور له .. ونحن نعيش كل يوم الموت بأشكال مختلفة وبصور متعددة ممن قتلوا فينا الصباح وأذاقونا الألم وألوان الجراح.. أيامنا ، أحلامنا دماؤنا ، أفراحنا يسحقونها بأقدام من لهب ، فصرنا عرايا من كل شيء حتى العزة والقومية والانتماء.. - ظل صدام في حياته كبيراً ، متحدياً لكل أنواع الهوان والقهر والطغيان رافعاً رأسه فوق هامات الذل ، ولم يرضَ بالاستسلام لهواة مص الدم العربي والعبث به في أزقتهم المعتمة وبين نبيذهم الأشد عتمة وفساداً .. وبعد مماته ظل كبيراً حتى بعد أن عُلق رأسه لم ينحنِ وظل يحمل بيأس رؤوس العرب المندسة بين الطين فوق كاهله الذي لم يكن يوماً هزيلاً. - أما نحن فحزنا عليه .. بكينا . عاتبنا ولمنا .. وشكونا همنا بصمت بيننا ، وبيننا خوف من أن يسمع همسنا الريح واتكأنا عند حائط العزلة والارتعاش ، نذرف دموع الانهزام والحسرة على زعيم راح ضحية المصالح المشتركة ولعبة سياسية مفضوحة ومهزلة قضائية ومحاكمة كانت أشبه بمسرحية رقص فيها مهرجون ولعب خشبية كل خيوطها في يد أمريكا وتحركها كما تشاء.. - فهل كان حزننا عليه أسفاً على رحيله !! وهل كان الرفض والشجب تكملة لمسرحية الذل الذي نعيشه !! أم أنه تأنيب ضمير وصحوة متأخرة لعروبة مازالت ميتة !! وهل حسرتنا على هواننا دفعنا للدموع وتعليق صوره على الأبواب المغلقة والجدران الكئيبة وعلى لوحات السيارات الجامدة من كل شيء حتى الحركة ، تماماً كما هي أفعالنا.. - وبالرغم من كل شيء سيظل الغدر بصدام وخيانته وصمة عار على جبين كل العرب ،، وسيظل الجرح الأعمق والحب الأكبر الذي لا يموت رغماً عن كل الجبناء..