كيف يمكن للناس أن يحتفلوا بعيد الحب ونفوسهم مليئة بالكراهية، وكيف للمدن أن تتقلد أكاليل الورود بينما يخترق أجواءها دخان البارود، وكيف للعشاق أن يتبادلوا قبلات الحب وقد نبتت بين ثنايا الصدور بذور الشك والريبة، وكيف للعالم أن ينظم مسابقات الحب والبشرية على وشك التلاشي بسبب التسابق المحموم على امتلاك الأسلحة النووية، بل كيف يتذكر العاشقون جلال المناسبة وقد ظللتهم سحب القلق، وحاصرتهم دموع الثكالى وهي تنهمر على فداحة الحروب؟؟!.. الحب يزرع الفضيلة، ويحث على الخير، وهو على النقيض من كل مفردات العداوة والكره، ولا يستقيم أن تبنى مدينة على الحب ما لم تكن ثمة زهور يتنشقها العاشقون، وأوقات مليئة بالفرح يتهامس فيها المحبون وينثرون ورود كلماتهم المحمولة بالشجن والفرح والأمل في سمائها الصافية المزينة بقناديل الضوء. ***** عشية عيد الحب يتقاطر المحبون إلى حيث ينظرون إلى المستقبل، فلا تخدش حياء هذه الذكرى خواطر البحث عن الرغيف، وهمسات الخوف من عيون متقدة تبحث عن قداس لتواري سوءات أفعالها. ***** المدن التي تختفي فيها الفراشات وتتصحر على جداولها الدماء، وتغادرها الغيوم لا تفيق أبداً على حفلة للفرح أو وليمة للعشق.. تغادرها الضحكات المجلجلة بالأمل، وتنقض عليها الليالي الموحشة بالخوف، ويرحل عن سمائها الحب والعشق إلى مدن تغطي مرافئها طيور البجع. ***** في العراق الذي كان يغسل وجهه في الصباح بغيوم المحبة أفاق على مقصلة تناثر عليها الدم، وطارت فراشات جميلة كانت تنام على ضفتي نهره الدافئ بالحب والقبلات. ***** وفي بيروت تعيد القبيلة إنتاج خلافاتها، فتبدو الشوارع مليئة بالجنود، وتشيح المدن عن تقبيلها للياسمين، أو تصد أذنيها عن سماع صوت الجداول، ويفزع العاشقون حين يختفي بائع الورد خلف يافطة للطوائف، وتنهار قبلة كانت للحظة لاتزال تحتفظ بحرارة الدفء قبل أن تقصفها خطبة ملغومة بالفزع!. ***** وهناك حيث تنام أغصان زيتونها في انتظار الصباح الجديد يعيد الرفاق معزوفة القتل بالانتماء، ويهرب عشاقها خلف أبوابها يفتشون عن قاتلهم، ولكنهم يعضون الأصابع ندماً بعد أن يفيقوا على كارثة الخوف من متاريس توجّه بنادقها في الطريق الخطأ إلى قلوب أبنائها. ***** يفكر العاشقون في ثنايا المدن أن يعدّوا لاحتفال جديد يعيد للحب نضارته تحت ظلال السلام وأوراقه الحالمة وأيقونة عطره النافذة، حيث يودعون بطائق انتماءاتهم إلى حزب جديد ينظم أحلامهم ، ويرسلها في انتظام إلى مدن تسيّجها أغصان أحلامهم، وزهور تتفتح على أصوات طيورها الآنية من جزر لاتزال يعزلها الزمان، وتنام على تخوم الحرب والاقتتال.