أحياناً أتابع الأخبار وأقف عند هذه الصور التي تعرضها المحاكم لمجرمين قتلة سفاحين إن في الشاشة اليمنية أو السعودية أو أي قطر عربي آخر، فلا أكاد أصدّق ما أرى، شباب صغير على درجة من البراءة والوضاءة والرضا. إن شكل المجرم كما يرسم ذلك نظرياً النفسانيون في علم الإجرام شكل قبيح ومخيف، بينما هذه الوجوه تفيض بالطهر والسلام، فما هو الموضوع على درجة اليقين إن كان هناك يقين؟!. الموضوع هو بوضوح وتركيز غسيل دماغ، فهذا الشاب أساء المجرمون استغلاله لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية؛ يقدمونهم قرباناً ووقوداً لنواياهم الهدامة وأفكارهم الشيطانية القبيحة. فالشباب صغير السن في الأصل مندفع بحكم سنه وفقد تجارب الحياة، وميله إلى «الرومانسية القدرية» إن صح هذا المصطلح، فمن السهل أن تبيع له الجنة أو تبيع له الدنيا أيضاً. وهذا الشاب من السهل أن يفجّر أي شيء.. نفسه.. وطنه.. دينه؛ لأنه لا يعلم شيئاً، وإنما قد ركن إلى هذه الوعود الحمقى على غير هدى أو بصيرة أو إحساس بالمسؤولية. ولما أردت أن أعرف الأسباب وجدت بعضها يغري على أفعال حمقى كهذه؛ كالبطالة والفراغ والفقر والتسيب الأسري أو الانفصال الأسري أو الفصام الأسري، فالطفل الذي يتربى في جو من الصراع الأسري لا يحسب للحياة أي حساب، والطفل الذي يعيش جو الإحباط النفسي وتتنفس رئتاه أجواء الفراغ، والطفل المحروم من الحنان والعطف والرحمة، ويخلو عقله من القيم والفكر النظيف بالضرورة لن يفرق بين حياة وحياة وتستوي عنده حياة الدنيا وحياة الآخرة. ولما أردت أن أبحث في أسباب أخرى رأيت أن بعض هذه الأسباب عدم الشعور بالأمن وعدم الانتماء إلى وطن يتراحم أهله، وعلماء يشكلون قدوة، ومؤسسات تعي مسؤولياتها وتحترمها. وحدث أن بعض الأسباب عدم المراقبة التعليمية والأمنية، فكل يعمل ما يشاء ويدرس ما يشاء ويسلك أي طريق يريد.