يلاحظ علماء النفس حركة الطفل، ويقومون بتفسير هذه الحركة أو الحركات, فالطفل المندفع إلى اللعب, كثير الخروج من البيت والدخول إليها في فترات قصيرة, يفسره العلماء بأنه يريد كسر الرتابة من خلال حيوية طفولية تطمح أن تنطلق إلى عالم دون قيود. وأن الطفل الذي يكثر من «قضم» أظافره هو طفل قلق, وأن الطفل إذا أكثر من مشاغبة الآخرين، والاعتداء عليهم وتحطيم أدوات البيت والشغب ورفع صوته يفسّره علم النفس أنه يعبّر عن فقده لاستقرار أسري وعاطفي في المنزل، وأن أبويه ليسا على وفاق, فهو يريد أن ينتقم من المجتمع. كما أن الطفل إذا أكثر من الكذب وأسرف منه فإنه يريد أن يملأ فراغاً في تكوينه الذاتي؛ فهو يعبّر عن عقدة نقص على نحوٍ ما. أقول إن هذا الطفل أصبح يسكن في كثير من الكبار, الذين يعيشون عدم انسجام في الأسرة الصغيرة «البيت» والأسرة الكبيرة «المجتمع» فمشاغبة الآخرين أصبحت علامة لكثير من الرجال والنساء. كما أصبح الكذب عادة وخلق غير قليل من أفراد المجتمع.. أما رفع الصوت الذي يزلزل السكينة العامة فقد أصبح ظاهرة على مستوى الشارع والمنزل والجامع ومقر العمل. في الدول المتقدمة تسارع الأسرة إلى الطبيب النفساني إذا لاحظوا أن أخلاقاً غير سوية وغير طبيعية تصدر عن أطفالهم لمعالجة هذا الشيء المستجد, أما نحن فممارسات تتعدى الكذب إلى تصديقه حيناً وإلى حركات جنونية لتتعدى حركات الطفولة التلقائية إلى أعمال إرهابية مخيفة. إن الكذب والتدجيل أصبحا من أخلاق بعض الكبار والصغار، وإن الممارسات الفجة التي تصل حد إطلاق الرصاص وباستخدام العنف الماثل في قطع الطرقات وإخافة الآمنين, لم تعد تحتاج مشافي للعلاج وإنما إلى قوانين رادعة من ناحية، وتدارك الجهات الاختصاصية كالتربية والتعليم والصحة والإعلام والأوقاف لتلاحظ نمو هذا الطفل الذي يرشحه سلوكه إلى إرهابي كبير في المستقبل القريب. إذن نحن نحتاج إلى ملاحظات مبكرة ترصد سلوك الأفراد لتقوم بعملية تقويم ورصد لكثير من الشعور بالمسؤولية الأخلاقية والاجتماعية.