تتجه أنظار كل العرب بكل تفاؤل وأمل واهتمام إلى المملكة العربية السعودية قبلة الحرمين الشريفين حيث اللقاء العربي التاريخي المرتقب مؤتمر القمة العربية التاسع عشر في مارس الحالي والذي يتزامن انعقاده في ظروف بالغة الحساسية والتعقيد وفي خضم الأحداث والتطورات والمستجدات الهامة والخطيرة التي تمر بها المنطقة العربية والتحديات بالغة الخطورة التي تواجه الأمة العربية والإسلامية وبالذات منطقة الشرق الأوسط محور الصراع العربي الاسرائيلي ومنطقة ساخنة حيث الخلافات والمناكفات والاهتمام الدولي بها.. وعلى المدى المنظور إزدادت فجوة التطورات على الجبهة اللبنانية والصومال والسودان والعراق وافغانستان إضافة إلى ماهو متواصل على الجبهة الفلسطينية حمَّى الحصار الظالم وغير المبرر على الشعب الفلسطيني وقضايا ماتسمى بالإرهاب والاصلاحات الديمقراطية ومشروعي الشرق الأوسط الكبير والجديد وامتدت سيناريوهات وتداعيات ومماحكات في الوسط الداخلي أعطت الضوء الأخضر للتدخلات الخارجية أن تدس أنفها بهدف تدويل القضايا لحاجة في نفس يعقوب وتحقيق مصالح شخصية واقتصادية ونفطية. وأمام هذه الأجندة وأجندة أخرى لاتقل أهمية فإن أمام ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي مسئوليات ومهام تاريخية ومصيرية لابد أن يمثل مؤتمر القمة العربية القادم في السعودية منطلقاً أساساً والوقوف أمام الأطماع والمخاطر والتحديات التي تحيط بالأمتين العربية والإسلامية بعيداً عن المواقف الهزيلة والمترهلة وهز الرؤوس والانحناء الرخيص والمساومة، فالواقع العربي يمر اليوم بمراحل خطيرة ودقيقة تتطلب مواقف شجاعة ونكران الذات أكثر من أي وقت مضى والارتقاء بدور الجامعة العربية وتبنيها مواقف مماثلة لمواجهة الهجمة الصهيونية الاستعمارية المسعورة والاستراتيجيات المجنونة والمواقف الغربية المتعجرفة الشرسة والمتطرفة والمستهدفة العرب والمسلمين والهادفة إلى طمس الهوية العربية وتاريخ الحضارة الإنسانية العربية ودعم نضال الشعب الفلسطيني الذي يواجه الارهاب الصهيوني والقتل والتنكيل والالغاء والحصار القاتل وفرض الشروط المجحفة الرافضة التسليم بحقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة في الحرية والسلام إضافة إلى ما يتعرض له الشعب العراقي من معاناة قاسية واحتلال غاشم وبربري وهيمنة اقليمية ونهب منظم لثرواته النفطية وتفشي بذور الفتنة الطائفية والمذهبية واشعال لهيب الحرب الأهلية واشاعة مبدأ الفوضى الخلاقة. المطلوب أن يتجه الجميع بقلوب مفتوحة وعقول نابضة بالحياة والصراحة والجرأة والمكاشفة الهادئة والشفافية والديمقراطية والرأي والرأي الآخر والحوار المسؤول بعيداً عن الإثارة ونبش الماضي الدفين .. فالمرحلة مهمة ومايمكن فعله هنا هو توحيد المواقف العربية واتخاذ القرارات الصائبة والمدروسة الرامية إلى رؤية عربية واضحة تجاه حل القضايا العربية ومايهدد استقرار المنطقة من مخاطر السلاح النووي والترسانة العسكرية والقواعد الأجنبية وأمن المنطقة السياسي والاقتصادي والاجتماعي لوضع النواة الحقيقية لتضامن عربي موحد فاعل وتوظيف الإمكانات العربية لخدمة القضايا العربية لخير ورفاهية وحرية الشعوب العربية وتحسين مستوى معيشة الجماهير العربية والسير باتجاه الإصلاحات الديمقراطية وفق خيار عربي بعيداً عن الفرض القسري الخارجي والمستمد من رؤية أمريكية من مفردات مشروعها الشرق الأوسط الكبير والعمل على تجذير مفردات هذه الإصلاحات بصورة جادة بهدف تجفيف منابع الفساد وتطوير هياكل الاقتصاد العربي وتسخير الثروات العربية والنفطية لتحسين حياة الجماهير العربية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتربوياً وملامسة حقيقية لمعاناة العرب والمسلمين دون النزوع إلى أية تغييرات تمس المناهج التربوية والدينية حفاظاً على قيم ومثل ديننا الإسلامي والحضارة العربية والتراث العربي العريق. نتمنى أن يشكل مؤتمر القمة العربية القادم مساهمة عربية لمسيرة عربية واحدة تقف في مواجهة المد الخارجي الصهيوني والاستعماري والتصدي لفلسفة جديدة في نسج المخططات والاستراتيجيات والرؤى الأمريكية المهلهلة التي وجدت طريقها إلى الانكسار بضربات المقاومة العربية الفلسطينية والعراقية والمجاهدين من أجل الحرية والديمقراطية والسلام..وأن تمثل القرارات القادمة بعداً عربياً لفكرة التلاحم العربي في وجه التدخلات الخارجية لامتصاص اقتصاديات المنطقة العربية وفك الحصار الاقتصادي والسياسي على الشعب الفلسطيني و دحر مقالب الاستهداف للوحدة الوطنية الفلسطينية بين حماس وفتح ولقاء مكة التاريخي.