حين تستجير امرأة بالقانون فتلك فضيلة من لديه وعي، لكن حين يخذلها القائم على أمانة القانون فلا يعاب عليها إيصال صوتها لرئيس الجمهورية لأنه الأمين المؤتمن على العدالة في الدولة التي يرأسها بثقة ممنوحة من شعبه..! حملتني إحدى الزميلات العاملات في لندن أمانة للأخ الرئيس ترجوه فيها التدخل شخصياً في قضية والدتها المقيمة في اليمن السيدة «أروى الهمداني» التي ظلت موضوع حديث الكثير من الصحف المحلية والعربية.. وهي بكل بساطة قضية عقارات تملكها في الشيخ عثمان، وتحتفظ بأصول الوثائق التي تثبت ملكيتها لها، إلا أن هناك من طمع بها ووجد في نيابة عدن من يسانده، ويستخدم نفوذه القانوني لمساعدة الباطل حسب إدعاءاتها. لست بصدد الخوض في تفاصيل القضية وتطوراتها، لكنني حريص على وضع بعض الملاحظات بين يدي الأخ رئيس الجمهورية، وفضيلة القاضي عصام السماوي رئيس مجلس القضاء الأعلى وأولها هي إن السيدة أروى قدمت وثائقها لكل من شرطة الشيخ عثمان، النيابة العامة بصنعاء، المحافظ أحمد الكحلاني ونائبه، وزارة الخارجية، البرلمان البريطاني، البرلمان الأوروبي (باعتبارها تحمل جنسية بريطانية)، وجهات أخرى.. فهل يجرؤ ساع إلى باطل على الاستنجاد بكل هذه الجهات وطرق كل هذه الأبواب لولا هو الحق الذي ينطق حتى الحجر!؟ ثانياً.. عندما تستغرق قضية ملكية عقارية عدة سنوات، وتتدخل بها كل الجهات السابقة الذكر، وتتحول إلى موضوع تلوك به وسائل الإعلام المحلية والخارجية، فإنه بلا شك يتحول إلى مادة يستثمرها البعض لتشويه سمعة العدالة في اليمن، ولإخافة المستثمرين لكون المدعية عادت بلدها برفقة ممثلي شركات اجنبية بقصد الاستثمار، لكن ما لبثت أن واجهت مشكلة عقاراتها فانشغلت في أروقة القضاء.. وهذا أمر كان بوسع القضاء حسمه في غضون أشهر.. ثالثاً لقد قامت السيدة المذكورة بنقل ملف القضية إلى نيابة صنعاء، وتم إنصافها من قبل رئيس النيابة بأحكام لصالحها، إلا أن عدن أعادتها مجدداً إلى أروقة المحاكم.. وبتقديري إن اختلاف الرؤية القضائية بتغيير المنطقة الجغرافية أمر يستحق وضع الضوابط له، ومساءلة الجهة التي كانت على خطأ كونها لم تكن مؤهلة لفهم الأدلة الثبوتية المقدمة لها.. رابعاً إن لجوء أحد أو كلا طرفي النزاع إلى وسائل الإعلام هو حق مكفول دستورياً، بل إنه قد يخدم القضاء حين يبلغ قيادته العلم بتظلمات المواطنين.. وحين يكون فيما هو منشور شكوى ضد جهة قضائية فإن من الأولى لرجال القانون في حالة الوقوف على إساءة لهم اللجوء إلى القانون نفسه، وليس إلى واجهات الصحف، وسوح التصريحات الإعلامية لأن ذلك يقلل من هيبة القضاء رغم أن الحق مكفول بالرد..! الغريب في الأمر أن رئيس نيابة عدن أدلى بتصريحات صحافية يرد فيها على تصريحات أروى الهمداني.. وفي تصريحاته توعد بمقاضاة وسائل الإعلام التي تداولت قضية الهمدانية، في الوقت الذي أن كان في الأمر جرم فلا يقع على الناشر مادام الكلام منسوباً لصاحبه.. والمسألة الأخرى هي الإدعاء بأن المذكورة تكتب في «صحف المعارضة» وهنا إنزلاق إلى المحظور، باستخدام الألفاظ الحزبية التي هي محرمة على القضاء الدخول فيها.. فالكل أمام القضاء محكوم بالقانون ولا شيء آخر سواه.. وماذا عساها أن تفعل إن رفضت وسائل إعلام أخرى نشر قضيتها!؟ فمن المؤسف أن المذكورة بعثت بردود على تصريحات رئيس النيابة لكن الصحف التي نشرت تصريحاته لم تحترم حق الرد!!.. لعلها المرة الأولى التي أتناول فيها قضية شخص بعينه، إلا أنني نظرت إليها من زوايا أخرى.. أولها ليعلم الأخ رئيس الجمهورية إن اليمنيين حتى عندما يكونون خارج الوطن لايراهنون على شخص آخر غيره ، وهم متمسكون بحق رعاية الأبوة وحتى عندما يتعرضون لظلم من إحدى الجهات الرسمية يبقون مصرين بقوة بأن ما حدث يغضب الرئيس علي عبدالله صالح، وأنه سيثور لأجلهم.. لهذا ظلت ابنة السيدة أروى تلح باتصالاتها من لندن للكتابة للأخ الرئيس، وللاستنجاد به، وكلها ثقة ان الرئيس ناصرها لا محالة.. وهكذا هو حال كل مواطن يمني.. وهذه ثقة عظيمة ما أظن أحداً من الزعماء قد نالها.. أما الزاوية الأخرى فهي لفت إنتباه مجلس القضاء الأعلى إلى أن هناك قضايا استغرقت أعواماً، وبعضها أصبحت مصدر إساءة أو تشويه لسمعة العدالة، ولابد من إلزام النيابات والمحاكم بإحصائها وحسمها.. فنحن واثقون من الجهد العظيم المبذول في إصلاح القضاء وترسيخ العدالة، ونتابعه بحكم عملنا لكن المواطن العادي لا علم له إلا بما يعيشه.. وأخيراً نتمنى من فضيلة القاضي السماوي التوجيه بحسم قضية الهمدانية وقطع دابر كل قول فيها.