بفضل ثورة المعلومات والفضائيات تحولت عدسات الإعلام إلى أكبر قائد للشارع العربي وبإمكانه بلقطات لا تتعدى الدقيقة تفجير ثورة أو إخماد حرب ، لكنها عندنا لا تساوي شيئاً. أمس اضطررنا لإضاعة ساعات من عمرنا بانتظار كاميرا الفضائية اليمنية .. فالأخ المسؤول رفض قص شريط معرض طبي مصري مالم تأت الكاميرا وتصور قص الشريط .. بعد مضي زمن من الانتظار الممل سألنا راعي المعرض متى ستصل الكاميرا ، فأجابنا بأنهم سيأتون حالما يكملون تغطية فعالية تقام في فندق «سبأ» وفي الواحدة ظهراً تقريباً وصل فريق الفضائية اليمنية ، وقدم المسؤول الحكومي ، وفي غضون خمس دقائق فقط أنهينا كل شيء وعدنا بيوتنا منهكين من الانتظار. يبدو أن البعض ليس لديه احترام للوقت، وربما يعتقد أن الشعب عاطل وليس وراءه حاجة لو انتظر ساعة أو اثنتين من أجل لقطة لا تتجاوز الدقيقتين في أخبار الساعة السابعة ..ومع أننا نعطي الحق للأخ المسؤول بتوثيق نشاطه رغم اعتقادي أنه جزء من مسؤولياته الوظيفية لكن بالتخطيط المسبق والتنظيم الأمثل للوقت. مالفت أنظارنا ليس فقط إضاعة الوقت بل الطريقة التي تعمل بها الفضائية اليمنية.. وهي طريقة وضعتها قيادة التلفزيون السابقة ، والتي نأمل من الأخ/عبدالله الزلب إصلاحها .. فمن غير المعقول أن تدور نفس الكاميرا من فعالية إلى أخرى ومن فندق إلى آخر في زمن تحولت فيه اليمن إلى أكبر ورشة عمل لا تكف عن الحراك. فمن حق جميع الجهات أن توثق أنشطتها، وتوصل رسالتها إلى المشاهد اليمني في مختلف أرجاء المعمورة .. ومن حقهم أن يفاخروا بالمشاريع التي يفتتحونها، فذلك إنجاز محسوب لصناعه ، وشهادة للتاريخ يجب أن تعرف بها الأجيال، ومن هنا فإذا توفق أحدهم في الحصول على فريق تلفزيوني فإن هناك العشرات ممن ينجزون ولا يشهد لهم أحد .. وبالتالي فإن دائرة حركة الفضائية اليمنية يجب أن تتسع بنفس حجم اتساع دائرة التنمية بحيث لا نكون مضطرين لانتظار الكاميرا على الأرصفة لساعة أو أكثر. وإذا كنا سنتحدث من دائرة الحراك فيؤسفنا أن نقول : إن عدسات التلفزيون ونتيجة لضعف إمكاناته المادية أصبحت شبه هرمة لا ترى أشياء كثيرة في حياتنا .. عدسات الفضائية لم تتعود دخول مدارس أبنائنا لتشهد على الحلو والمر فيها على حد سواء .. ولم تتعود الوقوف على نواصي الأكشاك فتنقل للعالم كم من الصحف لدينا، وأي حريات يتمتع بها شعبنا ، ولم تتعود الدخول إلى بيوتنا لتنقل لمن يسأل عن حالنا كيف آلت إليه أمورنا، وأي الوسائل تتحرك في غرفنا وأي ثياب نرتديها وكل شيء مما تطورت إليه حياتنا. عندما نتجول في المدن أو الأرياف نجد أشياء كثيرة جداً جميلة ونتحسر لأنه لم يخبرنا بها أحد من قبل.. هناك مناظر جميلة، وعادات، وتقاليد ، وقيم رائعة .. هناك آثار وقلاع ونقوش ومواريث مختلفة لايكاد المرء يعرفها وهو داخل بلده وأمام تلفزيونه الوطني. ومقابل هذه الأشياء الجميلة هناك مظاهر سلبية تشوه جمالية حياتنا ، ولابد من تصويرها ونقلها للآخرين ليشعر الجميع بالخجل من ممارستها ولينبذها المجتمع .. وليكن كل واحد منا قلقاً من أن ترصده عدسة التلفزيون وتفضح سلوكه السيء. أعتقد أن مهام المرحلة القادمة بالنسبة للتلفزيون التحول إلى أسلوب تفاعلي جديد مع الحياة الاجتماعية فيصبح لسان حال كل مواطن يمني من شمال الوطن إلى أقصى جنوبه ، وطبعاً هذه المسؤولية ليست سهلة بل تتطلب إمكانات مادية كبيرة وكذلك كوادر بشرية ، وهو ما نتوجه بسؤاله إلى القيادة السياسية .. فالإعلام هو وجه الواقع ، ولابد من إظهار الواقع بكل تجلياته أمام العالم ، لأنه أجمل بكثير مما تستطيع أقلامنا وصفه.