ينبغي للقوى والفعاليات السياسية في الساحة الوطنية أن تدرك أن جماهير الشعب وصلت إلى مرحلة متقدمة من الوعي تستطيع معها التمييز بين الحقائق والأوهام، بين الشعارات الجوفاء وبين القضايا الجوهرية التي تتطلع الحكومة إلى حسمها في المرحلة المقبلة.. نقول ذلك كون مجمل أحاديث المقاطعين أو بعبارة أصح الرافضين من أعضاء مجلس النواب للبرنامج العام للحكومة الخميس الماضي مع تقديرنا واحترامنا لها طغى عليها طابع الشعارات، وعكست في الوقت نفسه مشاعر اليأس والإحباط المتسيدة في نفس أصحابها تجاه الحكومة ومن إمكانيتها في ترجمة برنامجها على الواقع، والقضاء على مجمل الاختلالات البارزة التي سجلتها وكشفت عنها بوضوح عبر وسائل الإعلام المختلفة وفي مقدمتها تقزيم الفساد ومكافحة الفقر والقضاء على البطالة وتوسيع مظلة التنمية. أحاديث طوقت الحكومة ممثلة برئيس وزرائها بالاتهامات المسبقة وهي لما تبدأ بعملها بعد.. وبالفشل الذي تلبسهم في تواريخ سابقة بعيداً عن كل نزوعات الوصاية والهيمنة والقهر. حملة تشويه لا مثيل لها يقودها نواب في البرلمان من جانب وكتّاب استعاروا لسان الحطيئة من جانب آخر.. والهدف واضح طالما أن المؤتمر الشعبي العام في طريقهم يتصدر الحكم برغبة جماهيرية شعبية عارمة!!. لا نريد منهم أن يسبغوا على الحكومة عبارات المدح والثناء ويمضوا في صياغتها نثراً وشعراً وأغنية.. بقدر ما نريدهم أن يتحلوا بالمسؤولية في أحاديثهم وكتاباتهم. أن يستشعروا مهامهم الحقيقية كنواب وكتّاب أمام الشعب بدلاً من الإفصاح عن عبارات اليأس والإحباط والقنوط التي تضر بالديمقراطية أكثر مما تنفعها. عليهم أن يعوا أن هناك شعباً يملؤه الأمل والتفاؤل.. وأن المصداقية في الطرح بعيداً عن الاستغلال السياسي هي التي تسهم في بناء الأوطان وتعزيز مسيرة النهوض والتقدم لأي شعب.. وأن لغة الإحباط لا تسهم إلا في إعمال معاول الهدم وبروز أيادي التخريب. بعيداً عن لغة التشاؤم تلك.. يجب أن نعترف جميعاً أن الحكومة قدمت برنامجاً ينبض بهم الوطن وأماني وتطلعات الشعب .. و.. و.. ومن خلال مرتكزات الحاضر إلى مستقبل مزدهر اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً. برنامج عبّرت مفرداته وتوجهاته العامة وباستيعاب مطلق عن هموم الراهن من الزمان ومقتضيات صياغة المستقبل. هذه هي الحقيقة التي ينبغي الاعتراف بها بدلاً من التوجه صوب تعليق يافطات وعبارات الثرثرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع. إن الديمقراطية يا سادة طريقنا الواضح الذي لا يمكن التراجع أو النكوص عنه.. إنها طريق الشعب الذي يملؤه الأمل في القضاء على مجمل السلبيات السائدة.. والانطلاق صوب المستقبل بوضوح، بعيداً عن الشعارات الخادعة وعن أي أوهام. وفي المقابل فإن بشارات المستقبل تتجسد عملاً في الميدان وارتباطاً مباشراً بجماهير الشعب والتعبير عن همومهم وتطلعاتهم بصدقية مطلقة.. وحل كل الإشكالات التي تواجههم وتؤثر على مسار حياتهم. بشارات المستقبل تعني تضافر الجهود والقدرات والإمكانات لصالح التنمية وتمثل قيم البناء وليس الهدم. بشارات المستقبل تعني ألا خداع ولا متاجرة ولا لعب بالعواطف أو ممارسة الشيء ونقيضه. فهل نتحلى بالمسؤولية ونتمسك بالقيم الجميلة الوطنية والإنسانية، ونتفاءل بالغد الأجمل الذي هو يقيناً في طريقه إلى التحقق؟. ذلك ما نأمله ونتمناه.