لو كنت رئيساً للوزراء وطالعتني إحدى الصحف بمقال تحت نفس هذا العنوان لتكدر مزاجي، لأنني سأتوقع قائمة بلا حدود للمطالب، فهذا الوسط مازال يطالب بمزيد من الحريات ومعظم من فيه دون خط الفقر.. بالتأكيد لن يدخل مطلبي من بوابة الأجور التي كفل الإعلام لمعظم القطاعات ضغوطاً لاتقدر بثمن من أجل رفع أجورهم ضعفين أو ثلاثة، فيما ظل العاملون فيه ينتظرون معجزة ربانية تهدي الوزارة ونقابة الصحافيين والمنظمات التي حشرت نفسها بغير مناسبة، وحتى الدانماركيين المتعاونين الذين حرمونا من زبدة «لورباك» بسبب الإساءة المعروفة.. نهديهم جميعاً إلى مخرج يكفل للصحافيين قانوناً يحفظ لهم بعض الكرامة آخر الشهر وهم يوقعون على كشوف استلام مرتباتهم .! كما أنه من غير المتوقع أن يكون المطلب الذي نرجوه من معالي رئيس الوزراء يتعلق ببدلات طبيعة عمل أو مخصصات عمل إضافي، أو بدل إهانة تلقاء رفض المسؤولين الرد على اتصالاتنا، أو تلقاء الأعذار الازدرائية التي يقدمها البعض لنا للهروب من تصريح صحافي أو تحديد موعد لحوار صحافي.. فالصحافيون وحدهم الذين يعملون طوال الساعات التي تبقى عيونهم مفتوحة، وحتى عندما ينامون يحلمون بمشهد إخباري. نحمدالله أن كل أمورنا مستقرة، وليس كمثلنا بلد في الحريات الصحافية، ولأننا نتلمس أحوال البسطاء والمظلومين، ونتحسس معاناة شعبنا ألهمنا الله القناعة والصبر، ومثلما يقول المثل «من ير الموت يرض بالسخونة» لكن هناك طلباً واحداً فقط من الدكتور /علي مجور وهو حث السادة الوزراء، ومديري العموم ورؤساء الهيئات على متابعة الصحف اليومية والاطلاع على ماتنشر من أخبار وتطرح من أفكار وتوجه من انتقادات، فليس من المعقول أن تبقى كتاباتنا لأنفسنا أو يقرأها غير المعنيين بصنع القرار.هناك الكثير جداً من القضايا التي نثيرها في الصحف، ورغم كل ردود الأفعال التي ترد عليها نكتشف أن الجهات المعنية لا علم لها بشيء، ولم تتابع، ولم تكترث لماكتبناه ولو بطرف عين .. والسبب في هذا أننا نكتب بأسلوب مهذب، بعيداً عن التجريح، والإساءة، والمناكفة ومقاضاة الأغراض.. ولأننا لانشتم مؤسسة أو وزارة تقدم خدمة وطنية لمجرد ابتزاز القائمين عليها، والفوز بصفحة إعلان أو تهنئة - كماهو حاصل اليوم مع كثير من الجهات في محاباتها للصحف الصفراء.. إن عدم الاهتمام بما تنشره الصحف النظيفة - سواء كانت رسمية أم حزبية أم أهلية - من شأنه ترسيخ ثقافة سلبية في المجتمع.. وللأسف الشديد نؤكد لدولة رئيس الوزراء أن معظم - إن لم نقل كل - الجهات الحكومية تنظر إلى الصحافة الرسمية والحزبية الموالية على أنها صحافة ترويج لأنشطتها، وأن كل مايقال فيها لايمكن أن يكون سلبياً بحق الجهات الحكومية، لذلك يتوجهون نحو صحف الشتيمة وينبشونها سطراً سطراً مخافة أن يكون الدور عليهم في التجريح.. وهم بذلك أعطوا هذه الصحف زخماً معنوياً هائلاً هو كل ماتتمناه أية وسيلة إعلامية. إذا كانت ثمة خطيئة ترتكبها الوزارات والمؤسسات الحكومية تجاه الإعلام فهي تشجيعها السخي للصحف الصفراء من خلال دعمها المتواصل بالإعلانات التجارية والدعايات وبرقيات التهاني التي باتت مصدراً رئيساً لتمويل هذه الصحف، وتعزيز نفوذها في الساحة الثقافية.. ولا غرابة إن وجدنا صحفاً تسيء للقيادة السياسية على نحو مهين لكن نصف صفحاتها اعلانات لصالح وزارات، وربما ماعلى الحكومة سوى أن تشتري أسوأ الصحف التي تعتقدها لتتحقق من الأمر بنفسها. كل مانرجوه من حكومتنا الرشيدة هو أن تقرأ مانكتب لتدرك أن وسائلنا الإعلامية ليست كما يتصور البعض - طبولاً ومزامير - بل إنها صحافة مسؤولة تتعاطى مع هموم وطنية حقيقية وليست مفتعلة.. وتنتقد بموضوعية وليس بلسان ندي، وترسم معالم واضحة للواقع اليومي وليست صوراً زائفة تضلل الجهات الرسمية عن مهامها الوطنية.. ولتتأكد أن أقلامنا أشجع وأجرأ من غيرها لأنها شريفة وغيورة على الوطن والمواطن. هذا هو مطلبنا دولة معالي رئيس الوزراء. فالعمل الوطني شراكة بين الجميع، ومثلما نحرص على نقل تصريحات المسؤولين فليحرصوا على سماع صوت الشارع اليمني وضمائره الحية من الأقلام الشريفة في الكثير من الصحف !