«ماهر» لم يكن الاستثناء بين رجال المرور إلا إن كان للأمر علاقة بالاسم.. أوقف السيارة وبدأ بالبحث عن أول ثغرة للعبور إلى جيب السائق وما أكثر هذه الثغرات عند سائق لايفرق بين حذائه وسيارته.. حينها قال ماهر أنه أوقف السيارة لأن رقمها لم يعجبه ، وهي مهارة أكسبته إياها فترة الخدمة الإلزامية قبل إلغائها..هذا هو الموقف الذي أورده رجل المرور السابق للدلالة على مدى تأثير المحيط الحياتي للفرد على سلوكه وثقافته. الآن يتصل ماهر من لندن ليطلعني على إحدى التفاصيل المهملة في حياة اللندنيين فأن تتصل بك مؤسسة المياه مسبقاً لتعتذر لك وتبلغك في الوقت ذاته أن الماء سينقطع عن شقتك لمدة نصف ساعة امراً نادر الحدوث عريق السلوك. قبل شهرين ونصف ابتلّت ماسورة المياه الموصلة إلى شقتي كنوع من العبث بماء المشروع الموصل من مؤسسة المياه من حينها أصبحت علاقتي مع أصحاب «الوايتات» كعلاقتي مع حافظة الدوام ، مع فرق استحالة الغياب في الأولى. سيدي القارئ.. حضرات المستشارين: مع كل القرائن الماثلة بين أيديكم لازلت أدفع المبلغ الموضح في الفاتورة قناة الوصل الوحيدة مع مؤسسة المياه مع رسوم المجاري شهرياً وبانضباط مثالي. وإيماناً مني بكل القيم العربية الأصيلة والمثل العليا فإني ألتمس الشفقة والرحمة بالمتهمة الماثلة في ثنايا الفاتورة استجابة لقول الشاعر المثالي القديم : فلا تقتلوها أن ظفرتم بقتلها ولكن سلوها كيف حل لها دمي !! مع تمسكي بحقي في استشارة محام قانوني راوٍ «عكس عطشان» عن المسمى القانوني الحديث لفاتورة المياه وعلاقته بقسائم المخالفات فالواقع يدّعم الاسم الثاني «القسيمة» ولكن من يجب أن يدفع ؟ القسائم تسلم للمخالفين تغريماً تأديبياً ، وفي هذه الحالة يجب على سكان حارة جامع بلال في امانة العاصمة صرف قسائم مخالفات يومية إلى مؤسسة المياه التي يقع عليها واجب دفع الغرامات الموضحة في القسائم لكل مواطن أو تسليمها مباشرة لأصحاب «الوايتات» القائمين بأعمال المؤسسة دون مسميات وظيفية ولا كراس دوارة ولا ربطات عنق.. العلاقة الحميمية التي تربط رجال المرور بالسائقين تدفع رجل المرور إلى اقتحام سيارات عديدة في اليوم،والقعود بجوار السائق وبشكل خاص سائقي الباصات والشاحنات. يصر على إيصال السائق إلى الإدارة أو يلح على أخذ كرت الباص حتى يعود إليه السائق لاحقاً لإجراء مفاوضات مهمة على الصعيد الشخصي. ربما يأخذ السائق إلى الإدارة لأخذ جرعة لقاح ضد الوقوف في الشارع أو ضد الجلوس على كراسي المركبات لأكثر من مرة في اليوم وفي الحارات الخلفية. طالما هناك اختراع عجيب يسمى «قسيمة مخالفة» ومفعوله مضمون وسريع ، لماذا يمارس بعض رجال المرور هذه المهانات اليومية التي مع كل المشاعر السلبية تجاه سائقي الباصات تجعلني أتعاطف معهم أمام هذه التصرفات التي تغطي مساوئ السائقين ؟! أنا لا أملك سيارة ولا أجيد قيادة السيارات ولا أرغب أن أكون طرفاً في معادلة طرفها الآخر جندي مرور من الصنف السابق ، ومع هذا ألمع حذائي قبل كل خروج مفاجئ من المنزل واصطحب فاتورة الشراء تحسباً لكل مكروه.. قد يصعد أحد السائقين ليبعدك بضعة امتار من الرصيف الذي تسير عليه سابقاً وربما توجب عليك إثبات هويتك عندما تقوم بإصلاح سيارة هذا السائق الأليف.. أليس صاحب ثقافة أصلب من الرصيف ؟!.