يعتمد نجاح السياسة العامةPublic Policy التي تقوم السلطات الحكومية وباقي المؤسسات المعنية بوضعها في أية دولة من الدول وبدرجة أساسية على نمط الحياة اليومية الذي يعيشه المواطنون،فضلاً عن أولوياتهم ،وما يترتب عليها من قرارات. فالدولة قد تضع العديد من الاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالجوانب الصحية،وتسخر لها الكثير من الامكانيات والموارد المادية والبشرية،ولكنها قد تعجز عن كفالة الرعاية الصحية المطلوبة لكافة المواطنين إذا كانوا هم في الأصل لايعبأون بأحوالهم المعيشية والصحية،وقد تضع الدولة كافة إمكانياتها لحماية البيئة المحلية من التلوث والعبث الإنساني،ولكنها لاتستطيع أن تحمي البيئة من التلوث إذا كان المواطنون لايهتمون بنظافة بيئتهم....،وقد تضع الدولة العديد من التدابير التي تستهدف تحسين معيشة المجتمع والقضاء على الفقر والحد من البطالة،لكنها ستقف عاجزة أمام استهتار البعض بقوانين الدولة المتعلقة بتحديد الأسعار،وأمام تغول البعض جراء الكسب غير المشروع واستشراء الفساد في اجهزة الدولة،ولن تجد علاجاً لرفض الشباب العاطل عن العمل في بعض المجالات التي تحتاج إلى مجهود عضلي وبدني .وهكذا مع بقية المجالات المرتبطة بالسياسة العامة للدولة،وعليه فإن لم يتعاون المواطنون مع أجهزة الدولة،وإن لم يظهروا قدراً كافياً من ضبط النفس في العديد من المسائل،فإن سلطات الدولة ستقف مكتوفة اليدين،عاجزة عن تدبير الشأن العام، وستفشل في تحقيق كافة الأهداف والبرامج التي تضعها لتنفيذ السياسات العامة. بعبارة أوضح فالدولة أية دولة تحتاج إلى المواطنة الواعية بأدوارها عن فهم ، والممارسة لمسئولياتها عن قناعة ،فما المواطنة؟وماالفضائل التي ينبغي التحلي بها حتى نغدو مواطنين صالحين؟ يُعرّف المواطن Citizenبوصفه «الشخص الذي له الحق في العيش الدائم في مجتمع ما،والتمتع بكافة المزايا الاجتماعية والقانونية لذلك المجتمع،المرتبطة بذلك الالتزام القانوني» ،والمواطنة Citizenship هي «الحق القانوني في أن تكون مواطناً في مجتمع من المجتمعات» وهي تتمثل في العلاقة أو الرابط القانوني الذي يربط الإنسان بمجتمع ما. وفي وقتنا الحاضر باتت العديد من مجتمعاتنا العربية والإسلامية متأثرة بالثقافة القانونية الغربية تعد الجنسية Nationalityالرابط الأقوى الذي يربط إنساناً ما بمجتمع من المجتمعات ، فنقول المواطن اليمني،ونعني به الإنسان الذي يحمل الجنسية اليمنية ،مع أن رابط الجنسية قد لايعكس بطريقة حقيقية عمق الانتماء ،وقوة الرابطة التي تربط الإنسان بدولة من الدول ،وفي أحيان كثيرة قد تتعدد لدى الفرد الروابط والولاءات،وهنا تكمن مشكلة العديد من المجتمعات والدول. ولمفهوم المواطنة وفقاً لهانئ عبدالستار فرج في دراسة له عنوانها:«التربية والمواطنة :دراسة تحليلية،نشرت في مجلة مستقبل التربية العربية، عدد 35 ، 2004م :9-37» حدان اثنان:الحد الأدنى:وتعني احترام القوانين،ولكنها لاتعني الممارسة الفعالة للحقوق السياسية،وغالباً ما يشير فقهاء القانون الدستوري إلى مفهوم المواطن في هذ الحد الأدنى بمعنى «الفرد Person» أي الفرد الذي يكتفي بالانصياع للقوانين وتنفيذها دون أن يتدخل في كيفية سنها أو وضعها؛ والحد الأقصى :يعني الإصرار على تحقيق الديمقراطية الحق أو العدالة السياسية،وذلك من خلال توسيع وتعميق المشاركة السياسية بقصد الإسهام في الحياة السياسية،وفي هذه الحالة ينطبق على المواطن صفة المواطنة الحق؛إذ هو «الشخص الذي يسهم ويشارك في صياغة القوانين ويتدخل من أجل تعديلها». ولذا يصبح من الضروري كما يشير هانئ عبدالستار فرج توافر العديد من الفضائل والخصائص التي يتعين أن يتمتع بها المواطن في أي نظام سياسي سواء أكان ديمقراطياً أم لم يكن ديمقراطياً،وقد حددت بعض الأدبيات مجموعة من الفضائل التي يجب أن يتحلى بها المواطن ، وهي: 1 مشاعر الإقدام والجسارة والجرأة والشجاعة،أي أن يتحلى المواطن بالشجاعة والجرأة التي تمكنه من تقييم أداء من يتقلدون الوظائف العامة،وأن يشارك عن قناعة ورغبة في مناقشة القضايا العامة،وأن يكون له رأي ورؤية في كل ما يجري في مجتمعه، وبعبارة أدق،أن يمارس المواطن حرية التفكير،وحرية التعبير ،وحرية الحركة والفعل. 2 مشاعر العدالة والإنصاف،وهي تلك المشاعر التي تمكنه من أن يدرك ويتبين حقوق الآخرين ويحترمها ويقدرها،ومن ثم لايغالي ولايبالغ في حقوقه ومصالحه. 3 مشاعر التحضر والكياسة والتسامح،وتعني تلك التي تتبدى واضحة جلية فيما يصدر عنه من قول أو فعل حيال كل المواقف،وعلى وجه الخصوص في علاقته مع الآخرين . 4 مشاعر التضامن والولاء،بمعنى أن يبدي أعلى درجات التآزر والتآخي مع الآخرين،بما ينطوي عليه من إحساس بالانتماء للوطن والمواطنين ،فهو واحد منهم ومعهم ولهم.- استاذ العلوم السياسية المساعد جامعة إب