من البديهي أن يختل الأداء الإعلامي التلفزيوني عندما تكون الأعداد العاملة في التلفزيون أكبر بكثير من البرامج وساعات الإرسال، وهذا أمر ملحوظ في كثرة كاثرة من المؤسسات التلفزيونية العربية الرسمية ، وربما كان مبنى “الماسبيرو” بمصر خير شاهد على فداحة الخلل عندما يكثر العدد ولا يتم التوسع في الإرسال «كماً ونوعاً»، ولعل استرجاع الاحصاءات المتعلقة بالمبنى الرئيس للتلفزيون المصري ستوضح لنا الدرب الذي سرنا عليه والذي يفترض منا إعادة نظر جذرية. إن كثرة العاملين تؤدي إلى الانشغال بقضاياهم ومطالبهم بدلاًً من الالتفات للعمل الرئيس والإبداع، وهذه المشكلة لا يمكن حلها بالتسريح أو توقيف التوظيفات، بل بالتوسع المنهجي المدروس؛ لأن التلفزيون سيظل بحاجة إلى دماء جديدة، فيما يمكن إعادة تدوير الموارد البشرية المتاحة بطريقة أكثر فاعلية وعقلانية. الفضائية اليمنية والقناة الأرضية يعانون الأمرّين من تكدس مئات، بل آلاف العاملين غير المنخرطين في العمل الحقيقي الفعلي واليومي، ولهذا السبب تتحول هذه الطاقات إلى سبب لإهدار القابليات، ووسيلة لتنافس احتقاني تستكمل حلقات بؤسه بالفساد المالي والإداري، فالمشهد أشبه ما يكون بملعب كرة قدم لا يتسع لأكثر من عشرين لاعباً، والمطلوب أن يلعب فيه مائتان !!. هذا هو ما يحدث الآن بالضبط ، ولا يمكن لهذا العدد الكبير من الإعلاميين في حقل التلفزيون أن يجدوا وسيلة لإعادة انتاج معارفهم ومهنتهم إلا بالتوسع، والتوسع فقط.