في عام 84 م أصدر فخامة الرئيس/علي عبدالله صالح قراراً ضمن خطاب بمناسبة يوم التشجير في شهر مارس بحظر استيراد الفواكه والخضروات من الخارج ، وتم التقيد بالقرار فور إذاعة الخطاب واختفت تلك الفواكه تماماً من الأسواق خلال أسابيع قليلة ، اللهم إلا ما كان يظهر منها بطريق التهريب في نقاط التفتيش خارج المدن الرئيسة. وكانت نقطة نقيل يسلح أشهر هذه النقاط التي كان المسافرون يستغلون التوقف بسياراتهم لتفتيشها والنزول لشراء الصناديق والكراتين من التفاح والبرتقال والكمثري والموز والعنجاص بتهافت ولا يساوم المشتري البائع على الثمن بل يدفع المبلغ وهو «مغمض » كما يقال ؛ لأنه قد وجد الهدية المناسبة سواء للاستهلاك المنزلي أو للبيع في منطقته بأسعار مضاعفة. وقد بدأت تظهر مزارع وفاكهة الموز قبل بقية الأنواع بعد أن كان قد قيل : إن الموز اليمني قد قضي عليه بسبب استيراد الموز الخارجي ، وما يحمله من أمراض أبادت الموز اليمني حسبما أكد لي ولمجموعة من الناس مهندس زراعي كان من أشد المتحمسين لتفجير ثورة خضراء في اليمن ، وقد انتقل إلى رحمة الله قبل أعوام ، وأصبح الموز اليمني يفيض عن حاجة الاستهلاك والباقي يصدر إلى الخارج ، وبعد سنوات قليلة ظهر التفاح اليمني لأول مرة بكميات قليلة جداً لكنها كانت تعطي للمتشوقين رؤية جميلة من خلال هذه الفاكهة المهمة في المزارع والأسواق اليمنية ، كما شهدنا تحسناً في إنتاج الحمضيات كماً ونوعاً بحيث غطى العرض الطلب لعدة أشهر ، وكانت البدايات رائعة بكل المقاييس بشهادة الأجانب ، الذين أكدوا بأن للفواكه اليمنية وفي مقدمتها العنب ميزة خاصة من حيث الجودة واللذة. واليوم وبعد مضي ثلاث وعشرين سنة وفيما مزارع الفواكه والخضروات تتوسع نرنو إلى أن نشاهد مزارع القمح والشعير والبقوليات وكل أنواع الحبوب تحل محل القات الذي انتشر كالنار في الهشيم على حساب المحاصيل الغذائية وإعادة الأمور إلى ما كانت في الوديان والقيعان التي غزاها القات واختفت منها المزروعات الغذائية كلياً أو جزئياً ، فنحن ندفع سنوياً المليارات مقابل استيراد القمح بينما هناك سهول شاسعة وخصبة لا تحتاج إلا إلى الخطوة الأولى الدالة على أن الثورة الخضراء قد بدأت بمشروع حكومي عن طريق الهيئات الزراعية الأربع ، ومتى نجحت الخطوة بتحديد وإصلاح الأراضي وتهيئتها لزراعة القمح فسيهب المستثمرون اليمنيون وغيرهم بما فيهم ملاك الأراضي للاقتداء بالحكومة ، فالأمن الغذائي بالنسبة لنا أهم من أي مشروع تنموي يمكن إقراره واعتماد نفقاته وتنفيذه في الوقت والمكان المحددين.