-1 النظام الرئاسي أعلن فخامة الأخ الرئيس/علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية عن مبادرة لإجراء تعديلات دستورية تهدف إلى تطوير النظام السياسي الديمقراطي ومنها أن يكون الحكم رئاسياً كاملاً. فما هو النظام الرئاسي؟ تقوم الأنظمة إما بالأخذ بالنظام الرئاسي أوالبرلماني أو بالنظام المجلسي «حكومة الجمعية» وكل هذه الأنظمة تأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات، ولكن بدرجة متفاوتة. و النظام الرئاسي يقوم على الفصل شبه المطلق بين السلطات إذ تتولى كل سلطة وظيفة معينة تمارسها بصورة مستقلة بعيداً عن تأثير السلطات الأخرى. وأساس هذا النظام يقوم على التخصص العضوي والتخصص الوظيفي. ونقصد بالتخصص العضوي هو أن يكون لكل سلطة من السلطات الثلاث استقلال ذاتي في مواجهة باقي السلطات، وليس لأية سلطة أن تتخذ إجراءات من شأنها المساس بهذا الاستقلال. ونعني بالتخصص الوظيفي ممارسة كل سلطة وظيفة معينة ليس لها تجاوزها، فالبرلمان يمارس التشريع، والحكومة تختص بالتنفيذ من خلال ما تصدره من قرارات ، ويفصل القضاء في المنازعات . ويكاد يجمع الفقه، على أن النظام الرئاسي يقوم على دعامتين هما ، فردية السلطة التنفيذية، والفصل شبه المطلق بين السلطات (توازن واستقلال السلطات العامة) ومن تجربة الأخ/رئيس الجمهورية رأى أن الاستقرار السياسي لليمن سيتحقق أكثر بالأخذ بالنظام الرئاسي حيث إن الجمهورية اليمنية وجدت نفسها تواجه ثلاث مهمات أساسية، هي الحفاظ على الوحدة الوطنية واستكمالها والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار السياسي ، وكان هذا الاستقرار يعني إنشاء نظام قادر على إنجاز المهمتين الأوليتين وهذا النظام هو النظام الرئاسي الذي من أهم مظاهره فردية السلطة حيث يكون رئيس الدولة هو ذاته رئيس الحكومة، ولا يوجد في هذا النظام مجلس وزراء متضامناً كما في النظام البرلماني، وما الوزراء في هذا النظام ليسوا سوى أعوان للرئيس في ميدان العمل التنفيذي، من هنا سيصبح رئيس الدولة هو صاحب السلطة التنفيذية الفعلي. وفي هذا النظام سيستقل الرئيس برسم وتقرير السياسة العامة للدولة والحكومة، في حين يقتصر دور الوزراء والموظفين على تنفيذ السياسة التي يرسمها الرئيس، وهم مسئولون أمامه عن نتائج عملهم . ولقد وجد فقهاء السياسة أن لمبدأ الفصل بين السلطات قوة منيعة لمنع اختراق الحريات وسلاحاً يقي من الاستبداد والطغيان ، فهل يمكن تحقيق مبدأ السلطات في الواقع ؟ ذهب اتجاه فقهي ، إلى أن الفصل بين السلطات يعني الاستقلال الكامل لكل سلطة عن السلطات الأخرى في ممارستها وظيفتها التي حددها الدستور ، فيختار القضاة بالانتخاب ، مع عدم تأثير السلطتين التشريعية والتنفيذية إحداهما على الأخرى في حين يذهب اتجاه فقهي آخر ، إلى أن الفصل بين السلطات مبدأ وهمي لا يمكن أن يتحقق عملياً لتعارضه مع وحدة السلطة في الدولة، فالسلطة تعني مجموعة من الاختصاصات موزعة على هيئات نظّمها الدستور، وبالتالي لابد من وجود تعاون وتأثير بين هذه الهيئات ، وعلى حسب هذا الاتجاه إن الفصل المطلق بين السلطات يعني عدم تأثير سلطة على أخرى إلى درجة النيل من استقلالها ، فليس للحكومة حل البرلمان ، وليس للبرلمان سحب الثقة من الحكومة . ويبدو لنا أن الاتجاه الثاني أقرب إلى الواقع من الاتجاه الأول ، ولنا في التجربة الأمريكية خير دليل على ذلك، فنظرياً يقوم الدستور الأمريكي على مبدأ الفصل المطلق بين السلطات، أما الواقع فيشير إلى وجود تعاون وتأثير بين السلطة التنفيذية التي تركزت في رئيس الدولة ، والسلطة التشريعية التي مثّلها الكونغرس. «في الحلقة القادمة نتحدث عن النظام البرلماني» ? عميد كلية الحقوق أستاذ النظم السياسية المشارك