في العيد إن لم تفرح فلنتظاهر بالفرح .. إن لم تبتهج فلتكن ممثلاً تتقمص دور الفنان الكوميدي .. المهم ان تؤدي دور المبتهج .. فلا يوجد أسوأ من وجه كئيب في «زفة فرح» في العيد كن كثير الكلام ضحوكاً.. قل «الكلام الجميل ولو كذباً » ألم ينصح المثل الشعبي بتوفير الكلام ليوم العيد. لا تحزن في يوم العيد فالحزن فيه جريمة متعددة الأثر على الآخرين .. لست حراً، فحزن العيد له عدوى .. انه كالطاعون .. ابتسم ولو مجاملة واذهب للعيد بوجه حقيقي أو اصطناعي الابتسامة .. المهم ألاّ تخرج بوجه مقلوب .. إن لم تسطع صنع الابتسامة أو حتى تجميلها .. فأقفل عليك غرفتك .. وتذكر أن الكآبة في العيد عورة. في العيد لست مسؤولاً عن فرحك . بل عن فرح الآخرين .. يجب أن تبتهج وتفرح مع الآخرين .. أنت في قمة العبادة لله .. عندما ترسم الأمل في عيون الأطفال .. والحب على وجوه آبائهم .. فقد يكون الفرح سنة في يوم ما أو شهر ما أو في مكان ما لكنه في أيام العيد «واجب» يأثم تاركه وقد يعاقب أخروياً فلا يوجد أسوأ عند الله من الذين لا يصلون أرحامهم .. وهل توجد أفظع صورة لقطع الأرحام من إخوة يكونون «غصة» لأخواتهم في فرح العيد .. عندما لا يجدن منهم حتى مجرد اتصال للتهنئة أو رسالة من كلمتين «مبروك بالعيد». صلة الأرحام في العيد هي هدف جوهري لتشريع الإسلام للعيد .. هي فرصة لتلاقي القلوب التي باعدت بينها تضاريس الأحقاد وجبال المصالح.. ولكن يوجد بيننا من لا يصل رحمه في العيد .. مع أن صلة الأرحام فيه فرصة أخيرة للذين يقطعون أرحامهم طوال السنة. وفي القرآن نجد كماً كثيفاً من التحذيرات للذين يمنعون إطعام المسكين أو لا يحضون عليه وللذين لا يصلون أرحامهم .. فكلاهما يؤديان لانتشار الاحقاد والفتن والطبقية داخل الأسر والمجتمع .. ولذا شرع الإسلام الزكاة والصدقة. ورمضان والعيد طرق عملية لإزالة الحواجز النفسية بين فئات المجتمع وأفراد الأسرة .. وعليه عد «زرع الفرح» في نفوس الآخرين .. واجباً يترتب عليه ليس الثواب فقط بل حقوق وواجبات .. والأمر أشد وجوباً ل«الأقربون» الذين هم «أولى بالمعروف». وهذا المقصد الشرعي قد يغفل عنه حتى «الأكثر محافظة على التدين» .. فلا يهتمون بالأمور المرتبطة بذوقيات الفرح وتقاليد البهجة .. وتعد لديهم من الكماليات .. مع أنها من صميم «التدين ولبه» .. ولذا قد يتشددون في منع بعض من صور البهجة بحجة عدم شرعيتها في نظرهم فيرتبط وجودهم باليأس والحزن .. وأعجب من قوم يرددون «إن لم تبكوا فتباكوا» مع أن الأولى .. إن لم تفرحوا فتظاهروا بالفرح. يومان .. ونحن في عيد أتمنى أن نشهد فيه أياماً مليئة بالمرح والبهجة والسرور .. لنزغرد مع النساء ولنغني مع الصغار ولنبتهج مع الكبار .. فذلك هو العيد.