بوش الذي روّع العالم كله؛ ديمقراطي عظيم، وهو الحجة العظمى على كل ديكتاتوريي العالم، وبوش هذا متحضر ومتمدن جداً، ورحيم جداً، وهو الحجة على كل دمويي العالم !!.. بوش هذا هو الذي قتل من شعب العراق - هو وأعوانه الديمقراطيون جداً من باعة الأوطان المتجولين المنسوبين زوراً وبهتاناً للعراق وأرضه وشعبه - أجل قتل أكثر من مليون إنسان في العراق وحدها، وشرد أكثر من أربعة ملايين إنسان، ودمر حضارته التي بناها له صدام حسين في خمسة وثلاثين عاماً حتى جعله ينافس أكثر بلدان الدنيا رقياً وحضارة ومدنية، ولم يبقِ بوش من هذه الحضارة المعاصرة شيئاً يُذكر غير الخراب وترع المياه الملوثة وفوانيس الإضاءة التي تركها الأجداد. وذهبت على يدي بوش الديمقراطي المتمدن كل المحطات الكهربائية، وذهبت مشاريع المياه والصرف الصحي، وذهبت المستشفيات والجامعات والمدارس والمصانع والمعامل والمختبرات ومباني الدولة ومصالحها كلها دمرت؛ المطارات ومحطات سكك الحديد والطرقات والأرصفة، وأحرقت الحدائق والغابات المثمرة، ونهب بوش كل تاريخ شعب العراق وكل آثاره. صدام حسين المسمى من بوش وأحذيته ب(الدكتاتور الدموي!!) رغم أنف كل الحقائق التي تصفع وجوههم ودعاواهم؛ لم يفعل شيئاً غير أنه بنى العراق، ووحد شعبه، ونشر العدل بين أبنائه، وحافظ على سيادته، وطهره من العملاء والخونة، وساعد أمته وكل قضاياها، وحافظ على صمود مقاومة الفلسطينيين للإبادة الإسرائيلية المنظمة، وباسم الديمقراطية الملعونة، والمسالك المتحضرة ضد شعب فلسطين وأرضه، ووقف ضد محاولة اجتياح الفرس لبلاد العرب والمسلمين، وأكرههم على القبول بأمر الله والتوقف عن محاولة التوسع الدموي والعنصري المنحرف في العراق وفي غيرها.. ولم ينحن إلا لله. نحن إذن أمام هذه النماذج المتناقضة، ومع كل هذا القلب للحقائق نعتز ونتشرف ونفاخر بأننا ديكتاتوريون ودمويون حتى العظم، أجل نحن ولنا الشرف كله دكتاتوريون بلا حدود .. ودمويون بلا قيود.. لم نقبل بأبوة بوش لنا ولم نصلّ بصلاته.. ولا أكلنا من خبز كوندليزا رايس المغموس بدماء شعوب الأرض المسلمة، ولا قبلنا بأمومتها لنا، ولم نرضع ثدي الذل والمهانة والقبول بالتخلي عن الدين والوطن والعرض، وهذا كله ر غم كل الإغراءات التي تقدم لنا من أمريكا ورجالها بأن نصبح مثل العراق (الديمقراطي الحر الجديد!!) بقيادة رجاله أشباه الرجال الذين جلبهم معه من كل أصقاع الأرض كي يمحو بهم هوية العراق ويمحو بهم شعبه، وقد ابتاع منهم كل شيء بمال العراق بما فيه مال العراق وثروته وذلك بعد أن ابتاع منهم كراماتهم بادئ ذي بدء وبثمن بخس (كراسي معدودات ..) لا تصمد أمام هزات المقاومة، ولا تقوم ولا تحتمي بغير المحتل. أجل نحن ديكتاتوريون بلا حدود ودمويون بلا قيود.. حين رأينا المواجهة مستعرة بين أمريكا وحلفائها في المنطقة.. وبين حكامنا، وفضلنا بكل ثقة وثبات وافتخار أن نقف مع حكامنا.. تلفتنا فيما حولنا ورأينا نفس الوجوه، ونفس الدعاوى، ونفس الخداع والكذب، ونفس الممولين، ونفس الشعارات، ونفس الترويج، ونفس المعزوفات التافهة، ونفس التآمر، ونفس التهم التي كانت توجه لشعب العراق ونظامه العربي المؤمن وقيادته الشامخة بشموخ الإيمان والفضيلة والثقة بالله وبالحق الإنساني في مواجهة الاستكبار والاستئثار. حين رأينا ذلك؛ اخترنا حكامنا الشامخين بشموخ الإيمان رغم فقرنا وجوعنا وكل جراحنا وعناءاتنا من أنظمة الحكم التي يلوثها كثير من الفساد والظلم والاستئثار؛ لكن هؤلاء الحكام الرحماء بالنسبة لنا أعزّة وكرام ومحبوبون، وسنحرص عليهم ونحميهم بدمائنا؛ فهم رغم كل ذلك أهون علينا بكثير من طائرات وصواريخ وقوافل الموت التي تحركها أمريكا وعملاؤها كل يوم على أحياء وقرى ومدن العراق وافغانستان، وتحركها اسرائيل على قرى ومدن وأحياء الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين.. أجل كل يوم وبنفس الذرائع التافهة والكاذبة؛ وهي تبيد وتقتل النساء والشيوخ والأطفال بغير رحمة ولا نكير من أحد وتدمر كل شيء. اخترنا حكامنا لأن تراب نعالهم وهم يرفضون القهر والظلم وينصرون الحق العربي والإسلامي المقاوم أطهر بما لا يقاس؛ حتى من كل هامات معارضيهم المدنسة بالعمالة لأمريكا وحليفاتها في العالم والمنطقة، البائعين تراب الأوطان، القابلين بأن يكونوا أداة طيعة في يد العدو الكافر يحركهم حين يشاء لكي يحققوا مشيئة أمريكا في شعوبهم فيفجرون الصراعات، ويثيرون الفتن، وينكأون الجروح، ويمزقون وحدة أمتنا وشعوبنا، ويقبلون بوصاية أعدائنا، ويعبثون بقيمنا ومقدراتنا ومقدساتنا. اخترنا حكامنا؛ لأن سجونهم كلها رغم رداءتها الفادحة ليس فيها سفالة واحدة من سفالات "أبوغريب وجوانتنامو والسجون السرية للاستخبارات الأمريكية في أنحاء العالم" هذا برغم كل النعيق الذي ينعقه عبّاد العجل الأمريكي في بلادنا لكي ينسونا قهر سيدهم بوش لأمتنا وشعوبنا ولنا ولخيرة أبناء أمتنا. اخترنا حكامنا لأننا لم نسمع ولا في أي يوم من أيام حياتهم وحكمهم فينا، ورغم شراسة معارضيهم أجل لم نسمع عن جثة بلا هوية قُطع رأسها ورميت في شوارع العاصمة صنعاء بعد التعذيب، كما في العراق الديمقراطي الجديد الذي ترمى فيه كل يوم العشرات والمئات من الجثث المقطعة بعد التعذيب، واخترنا حكامنا لأننا لم نرهم يقودون ميليشيات الموت بأزيائهم الرسمية وسيارات الشرطة والجيش ويجوبون فيها لكي يقتلوا ويدمروا في أحيائنا كل أفراد الطوائف من غير طوائفهم. واخترنا حكامنا لأنهم لم يقبلوا أن يقوموا وبحماية أمريكية لهم بحملات أمنية تستهدف طوائف الشافعية ولا الزيدية ولا الإسماعيلية أو غيرهم بحجة البحث عن إرهابيين؛ فيستبيحون كل الأعراض والحرمات، ويسحقون كل المخلوقات الآدمية التي تقطن أحياء هذه الطوائف والتي كل جريمتها أنها ينتسب إليها كل أعداء أمريكا واسرائيل والدولة الصفوية، أو غيرها من أعداء الإنسانية. أجل نحن ديكتاتوريون ودمويون وعملاء لحكامنا الكرام الأحرار المعتزين بعروبتهم وإيمانهم وقيمهم، ونحن أعداء الديمقراطية الملعونة التي جلبها بوش لأرض العرب والمسلمين، وأعداء مشروع الشرق الأوسط الكبير، وأعداء الفوضى الخلاقة، وأعداء كل الرموز التي تتحرك من أجلها، وتثير الضجيج لخلقها، وأعداء اسرائيل ومع كل المقاتلين من أجل حرية أراضيهم وشعوبهم في كل بلاد الدنيا. ونحن أعداء كل من لامست يده الأيادي الأمريكية الملوثة بدماء الشعوب وأعراضها وكراماتها، وكل من قبلت جيوبهم أموال أعدائنا؛ كل أعدائنا مقابل إثارة الزوابع والفتن تحت كل الدعاوى التي قد تروج لهم في كثير من الأحيان، والتي حين يفقدون الرواج لها بحلول لها يبحثون عن دعاوى أخرى وهم أبعد من أن يكونوا طالبي حق لشعوبنا أو مقاومي باطل لصرفه عنها، ولكنهم وسائل تحريك ليس إلا لمحو ما تبقى فينا من حق ولنصرة ما يأتي به الأعداء من باطل، فهم مركبة لأعدائنا لا هدف لهم غير ما يريدون. لن يخدعنا المبطلون بدعاوى الحق التي يتذرعون بها، فللحق طرقه في الوصول، ولن يستخفوا بعقولنا كي نتركهم وما يريدون، فما نراه أمامنا من مصائر شعوبنا العربية يكفينا للاعتبار، ولأجله فلن ندّعي أننا ديمقراطيون ولا متحضرون مثلهم (قبحاً لهم ولمسمياتهم المأفونة) حتى لا يطالبونا بمثل سفالاتهم التي لن نصل إليها بقوة الله وحفظه ورعايته مطلقاً رغم كل أمنياتهم في إيقاعها بنا، فقد حصل التمايز بغير أسف. وحتى لا نقع بمستنقعهم سنحتمي بتسمياتهم لنا ونعتز بديكتاتوريتنا ودمويتنا، ويكفينا أن يرى هؤلاء ويرى غيرهم ما تنجب وتنتج ديكتاتوريتنا ودمويتنا وحكامنا من كل شيء بجانب ما تنتجه ديمقراطية سيدتهم أمريكا وحاكمهم بوش ومدنيته وحضارته. وألف مرحب وحيّا بديكتاتورياتنا المبرأة من كل دنس الديمقراطية الجديدة.. وألف مرحب وحيّا بدمويتنا المبرأة من كل حقد وعنصرية وتدمير وإبادة التحضر الأمريكي والصفوي والصهيوني لشعوبنا. واللهم فاشهد إنا محبو صفة كل ديكتاتورية، وكل دموية تحفظ أعراضنا وكراماتنا وأوطاننا ودماءنا وقيمنا، ولنمت بعد ذلك جوعى راضين.. فهل يسمع المتحذلقون حتى يعلموا أننا لن ننخدع بغواياتهم ولن نميل؟؟. ولينفجروا غيظاً.. اللهم فاشهد.