توطئة : العمامة زي عربي تاريخي يوضع على الرأس .. اكتست مع الزمن طابعاً مراتبياً تحول إلى معادل لبورصة السلالات والمراتبية الخسيسة ، ثم تحولت العمامة بعد ذلك لتصبح ترميزاً آخر للمذاهب والملل والنحل والطوائف، بل طالت تفاصيل التفاصيل في المراتبية المعرفية الدينية والسلالية القبائلية والإثنية، متخلية عن كل علاقة بالجمال والفائدة ، فطبعت العالم العربي بطابع البؤس ، وجعلت المسُبق الذهني المفاهيمي سابقاً على الحقيقة ، ساحبة إياها من أنفها إلى مياه التخلف الآسنة ، فارضة حضورها المتجدد بالترافق مع إخفاقات الأنظمة العربية وانتشار الظلم العالمي الذي تتزعمه الإدارة اليمينية الانجليلية في الولاياتالمتحدة. ليست المشكلة مقرونة بالعمائم بوصفها تراثاً عربياً إسلامياً ولكن المشكلة تكمن في أن تلك العمائم اكتست أبعاداً ومضامين ما أنزل الله بها من سلطان، فاختلط الثقافي بالسياسي ، والفلكلوري المشروع بالمخاتلة والادعاء ، وهكذا وجدنا أن تلك العمائم التاريخية تعيد إنتاج نفسها بكيفيات كوموتراجيدية ، مترعة بالظلم والباطل، بعيدة عن أصل الصورة وكنهها ، والشاهد أننا اليوم ونحن على تخوم عصر جديد أخل بكل تواريخ المتاهات والتعصب نعود مجدداً إلى الاستعانة بتلك التواريخ واستدعاء أسوأ تجلياتها بحثاً عن جواب لسؤال لا علاقة له بالماضي بل بالمستقبل هكذا نجد أنفسنا أمام «السيد الحسيب النسيب» من السلالة الشريفة ! والمهدي المنتظر الناظر لأمر العباد والبلاد فاتح أمجاد الرؤى وتقلبات الدهر !! أيضاً الإمام المعصوم الذي لا يأتيه الباطل من قبل ومن بعد وكذا «أمير المؤمنين» الخارج من أضابير الزمن الراشدي متأسياً بتقاليد ونواميس تلك الأيام معتداً بخرقة الأسلاف «غير الصوفية» وطريقتهم في الحياة معلناً الجهاد ضد الكفار من كل صنف ولون. هؤلاء جميعاً حرفوا الزي العربي الإسلامي عن مقاصده وأصبحوا يتمنطقونه لمآرب دنيوية لا علاقة لها بالدين وسماحته ولا بالتاريخ وحكمته