في كل مرة يدور النقاش حول موضوع المرأة من «قريب أو بعيد» لا بد أن يحتدم هذا النقاش دون الخروج بأي نتيجة إيجابية،فلا نزال حتى يومنا هذا نعالج عقليات متحجرة لا تستطيع أن ترى أبعد من أنفها أو لنقل أبعد من العادات والتقاليد المألوفة التي تتحكم بالمرأة ومصيرها منذ الآلاف من السنين بدون أي تغيير. هذا بالفعل مايحدث في معظم مواضيع النقاشات التي تفتح للحوار في المنتديات الإلكترونية فغالباً مايحتدم ذلك النقاش ليتطور إلى صراع بين الأطراف المتحاورة؛بسبب تضارب الآراء واختلافها وعدم الوصول إلى نقطة محددة يتم الاتفاق عليها فيتعرض الموضوع إما للإغلاق أو الحذف من إدارة الموقع، وفي كلا الحالتين أتوصل إلى نفس النتيجة وهي الاحباط من مجتمع ينظر للمرأة كجسد مثير عليها الاختباء تحت خيمة سوداء في مجتمعات تدعي القداسة، فمجرد سماع صوتها، حرام عليها وعليك أيها الرجل! حتى في تلك المجتمعات ممن أضافوا صفة القداسة داخل محيطهم وحرموا على المرأة كشف الوجه والخروج بدون محرم وعدم العمل في المجالات الحيوية لتنافس الرجال تنافساً شريفاً عن جدارة واستحقاق،مع تلك القوانين التي تدعو للحفاظ على المرأة من باب درء المفاسد يأتي خضوع المرأة لها استسلاماً لواقع يصعب تغييره على المدى الطويل،إلا أنه لم يشفع لها كل ذلك ولعل حادثة الحكم بالسجن والجلد على فتاة مغتصبة دليلاً على أن النظرة للمرأة كسهم من سهام إبليس لن تغيره صفة القداسة المتبعة في تلك المجتمعات بل رسخ الأفكار السوداوية أكثر من ذي قبل. والأخ الذي تجرأ بكل بساطة وهو يعلم مسبقاً أن أحداً لن يعاقبه على فعلته بحق الأخت بل اللوم كل اللوم سيقع على الفتاة والجميع سيسأل: ياترى ما الفعل الذي ارتكبته الفتاة ليقوم الأخ بكسر يد أخته؟! هي المجني عليها وهي من ستعاقب على ثورة الأخ،كيف نعلم هذا الأخ العنيف أن يتعامل مع أخته على أنها كائن إنساني بعد أن نفى المجتمع البعد الإنساني عن المرأة وأعطى الحق لأخيها الصغير أن يمارس ضدها العنف دون أن يعاقب؟! ألسنا بحاجة إلى مراكز تخصصية لحماية الفتيات من العنف الأسري وما أكثره في المجتمعات المغلقة؟!!. في مجتمع يقدم النموذج الإنساني المشوه الناقص فهو يقدم المرأة محجوبة عقلاً وجسداً مقيدة في نبوغها وحركتها فليس من حقها أن تحقق نبوغاً علمياً أو ثقافياً، ويمنع عليها أن تلعب دوراً إنسانياً في مجال الخلق ،الابداع الفني كإنسان كامل متكامل مبدع له قدراته الكبيرة ومؤهلاته العظيمة وشخصيته الفذة وعقله العبقري وضميره الحي وروحه الوثابة وقلبه النابض بالحياة،كيف يتم ذلك وهي الناقصة عقلاً وديناً؟! كيف تبدع وهي المخلوقة من ضلع أعوج!! بالمقابل يقدم لنا رجل ضيق الأفق يؤمن بهذه المفاهيم الجاهلية ويختصر رجولته في بسط الوصاية على المرأة. الوصول إلى القناعة التامة بأن المرأة إنسان كامل وهي المسؤولة عن نفسها وسلوكياتها وكيانها المستقل والتخلص من التقاليد الاجتماعية والموروثات الثقافية سيتم بتعميق هذه النظرة عبر المناهج الدراسية حيث ستسهم في ترسيخ التعامل مع المرأة باحترام دون التشكيك في قدراتها وإنسانيتها ومؤهلاتها وحبها للحياة والتطور والسعادة. إقصاء المرأة عن المشاركة في المجتمع يجعله يفقد جزءاً عظيماً من طاقته ويضعها في حالة ضمور وشلل، بعد أن تداعت الجهود لتحريرها من الأمية التي كبلت عاتقها ومن التخلف الذي قض مضاجع فكرها. بقعة مضيئة: بي نظير بوتو امرأة استثنائية وقفت في وجه الاعصار واجهت الصعاب والتحديات،ملكت قلوب الباكستانيين وغيرهم، فتربعت كزعيمة شعبية، تفوقت على الرجال وهزت عروش معارضيها، أثبتت جدارتها وأضفت على المكان الذي شغلته روحاً جديدة وديناميكية متميزة جاء موتها مشرفاً في موكب ضخم أحمر اللون، يليق بمكانتها بعد أن تحولت ساحة الحديقة إلى مجزرة وتناثرت أشلاء القتلى، ففجرت بركان الغضب في وجدان شعبها «رجالاً ونساء»، فليرحمها الله. hanan800 hotmail.com