أجندتنا لهذا العام تزدحم بالكثير من المواضيع الجديدة التي تنتظر جديتنا وواقعيتنا معها، وكذا المواضيع البائتة المرّحلة من العام السالف وقد كان حقها التعجيل في تنفيذها والانتهاء منها في الوقت المحدد لها؛ لكن أصابنا التسويف والمماطلة بمقتل وتشبعنا حد التخمة بثقافة الترحيل، ومع ذلك كله مازلنا نمارس عادة التفاؤل علّنا نواجه ضعفنا وعجزنا وإخفاقاتنا المتكررة بإرادة جديدة تتناسب والمرحلة اليمنية الوحدوية التي ولجناها.. التفاؤل دليل صحة الوعي، مثلما هو خُلق إنساني عظيم، لكننا مارسناه في إدارة مؤسساتنا ومرافقنا الحكومية بصورة مقلوبة حتى غدا في حياتنا ثقافة يومية للمماطلة والتلاعب في قضايا وأمور الناس، مع أن التفاؤل يشكل الحالة الإيجابية التي تقود صاحبها إلى المحاولات المتكررة والدائمة للوصول إلى النجاح والتفوق والتميّز، وامتهان العمل كأهم معطى للخروج من دائرة الركود والفشل والحاجة إلى الآخرين. ثمة ما يجعل التفاؤل في قاموسنا الإداري جسراً للتسيب والإهمال والفساد الإداري والضميري داخل الأجهزة الحكومية ومؤسساتها، لأن المشاريع والمعالجات والخطط ليست أكثر من تفاؤل جاء في لحظة التجلي والنشوة التي يصنعها مجلس القات، ولا تلبث أن تتبخر بانقضاء المجلس وذهاب كلٍ إلى همومه وحساباته، وكأن التفاؤل والشطحات الوقتية عادة سيئة تضر بمصالح الناس وتدخلها في طابور طويل من التسويف والمماطلة والابتزاز. لابد إذاًَ من أن نحوّل التفاؤل إلى خطط مؤسسية مدروسة وواقعية قابلة للتنفيذ، تسهم في إنجاح برنامج الإصلاح الإداري الذي التزمت به الحكومة في برنامجها ونالت بموجبه ثقة مجلس النواب، والذي كان ترجمة للبرنامج الانتخابي الذي نال بموجبه الأخ الرئيس ثقة الجماهير اليمنية. ومع هذا فإن الإدارة بشكلها المؤسسي مازالت غير قادرة على الشفاء وإظهار بوادر الاستفادة وإعطاء صورة جديدة للمرحلة التي يتطلب منا جميعاً الارتقاء إليها ونيل الثقة الذاتية بجدارة، والوصول إلى الثقة الواقعية بها من قبل كل الأطراف التي تنتظر صلاحها وولوجها عهداً جديداً، ليتم انضمامنا الكلي إلى منظومة مجلس التعاون الخليجي، ومن ثم الانتقال إلى مستويات مقبولة في إدارتنا الذاتية وعلاقتنا بالأشقاء والأصدقاء، خاصة أن الإدارة اليمنية في نظر الآخرين وتفكيرهم وتقاريرهم كما هي في قناعتنا ومعاناتنا اليومية، متشبعة باللامبالاة وفساد الوعي والضمير والمراقبة والمحاسبة، ولا يمكن أن يحدث اندماجنا بالمنظومة الخليجية حتى نتخلص تماماً من ذلك، ونستعيد ثقتنا بأنفسنا وإدارتنا وقدرتنا على تجاوز تلك الاختلالات ومن ثم تحقيق النجاحات الملموسة في الداخل، والمنافسة في الميادين الإقليمية والدولية. إن العام الجديد في نظري هو عام الاستنفار الرسمي والشعبي لإصلاح الإدارة اليمنية في كل مؤسسات ومرافق الدولة، لأننا إذا لم نصلح أنفسنا ونغيّر الطرق والوسائل والأساليب والثقافة والوعي التي نتعاطى بها مع الإدارة ممارسةً وتقييماً ومراقبة ومحاسبة، فلا ننتظر أن يأتي التغيير من السماء. قال الله تعالى: [إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم] صدق الله العظيم. فليكن تفاؤلنا إيجابياً لننتشل أنفسنا مما نحن فيه ونصل إلى موازاة الآخرين على أقل تقدير، فذلك في نظري هو النجاح الأكبر.