باتت محصلة الدراسات والبحوث التي تكشف عن الوضع الخطير للمياه في بلادنا تشكل كابوساً مخيفاً، كون الوضع الذي ستؤول إليه البلاد في ظل استمرار الاستنزاف العشوائي لهذه الثروة . وفي ظل استمرار شحة الأمطار التي تسهم في تغذية المياه الجوفية للأحواض المائية التي تمثل الأمطار الموسمية الرافد الوحيد لها، بالتأكيد سيكون مفجعاً وسيخلف الكثير من المآسي ويحمل معه الكثير من الآلام والمصاعب الكفيلة بتحويل حياة الناس إلى غصة ومعاناة لم يمكن لأحد أن يتصور حجمها أو مداها كون الماء عصب الحياة ومرتكزها الأساسي وعامل الاستقرار والنمو للمجتمعات على امتداد التاريخ وتعاقب حقبه المختلفة. ? أزمة المياه الخانقة التي أطلّت نذرها الأولى بجفاف العديد من الآبار الزراعية وانحسار نسبتها في البعض الآخر منها على الرغم من التعميق لأكثر من 450 متراً تحتم علينا جميعاً التنبه إلى خطورة الوضع القائم وكارثية ما هو قادم، وتدفعنا نحو التعاطي معه بمسؤولية من خلال المشاركة الفاعلة في خلق وعي عام في أوساط المجتمع بمخاطر الاستنزاف العشوائي للمياه وخصوصاً لدى المزارعين واطلاعهم على أساليب حديثة واقتصادية للري وإشراك رموز وقادة المجتمع في ترجمة ماهية المشكلة وخطورتها ووضع الحلول والمعالجات لها لما من شأنه التخفيف من خطورتها بناء على استراتيجية دقيقة وأطروحات فاعلة تلامس جوهر المشكلة وتوجد مؤشراً إيجابياً يسهم بالترشيد في استخدام المياه والحفاظ عليها على اعتبار أنها ثروة معرضة للنضوب. ? وهنا لابد من الإشادة بالدور الرائد الذي يلعبه مركز المياه والبيئة بجامعة صنعاء ممثلاً بالإدارة المجتمعية للحفاظ على المياه في مجال إشراك المجتمع بكافة فئاته وشرائحه في مسألة الحفاظ على المياه من خلال اللقاءات بين المزارعين والندوات وورش العمل التي تشخص الأوضاع المائية في اليمن عموماً والمخاطر المحدقة بها وتقديم الحلول والمعالجات لها وفق آراء وخطط وبرامج يعدها مختصون في هذا الجانب. ? إن الوعي المجتمعي بحسب إشارة المهندس جمال البعداني، قائد الفريق الحقلي لمشروع الإدارة المجتمعية للحفاظ على المياه بذمار يمثل خطوة جادة من شأنها الحد من أساليب الاستنزاف العشوائي للمياه واستعادة التوازن فيما بين منسوب المياه الجوفية وحجم الاستهلاك السنوي من هذا المخزون، حيث سيحرص الجميع على تدارك كارثة الجفاف قبل وقوعها كون الخطر يهدد الجميع بما في ذلك الأجيال القادمة. ولن يتأتى ذلك إلا بتضافر الجهود الرسمية والشعبية والعمل على إشهار حملة وطنية للحفاظ على المياه وترشيد استخداماتها وانعكاسات ذلك على حياة المواطنين والأجيال المتعاقبة، وذلك من خلال الإعداد والتعبئة الإعلامية والجماهيرية الواسعة لها في كافة وسائل الإعلام المختلفة لضمان وضع مائي آمن ومستقر لبلادنا ننعم به نحن والأجيال القادمة من بعدنا.