يشكل الكوسوفيون في جمهورية كوسوفو المستقلة حديثاً 93 في المائة من السكان جُلّهم من المسلمين الألبان، فيما يشكل الصرب مع بقية القوميات الصغيرة حوالي 7 في المائة، والمعادلة الكوسوفية التي أفضت إلى إعلان استقلال هذا البلد جاءت استتباعاً لتفكيك يوغوسلافيا السابقة إلى عدة دول هي صربيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود وأخيراً كوسوفو التي نالت استقلالها الناجز بعد تضحيات جسيمة وحروب داخلية مشهودة. لكن الولاياتالمتحدة لعبت الدور الأكبر في دعم هذا الاستقلال، وهي الآن بصدد تمرير خطة تقضي بضم هذه الجمهورية إلى حلف الناتو مما يوفر لها سياجاً أمنياً مُستديماً، ويدفع عنها خطر الغزو الصربي الذي قد يأتي في أي وقت من الأوقات . خلال الأيام والأسابيع الماضية اعترفت الولاياتالمتحدة وجُل بلدان الاتحاد الاوروبي وتركيا بالجمهورية الفتية، لكن العرب لم يعترفوا بها حتى اللحظة، ولا حتى اندونيسيا المسلمة، والغريب أن بعض العرب الذي تلكأوا في الاعتراف قد يجدون الذريعة كما هو الحال بالنسبة لتلك البلدان التي تواجه مشاريع حركات انفصالية كالسودان والمغرب، لكن البلدان العربية التي لا تواجه مثل هذا المطلب الداخلي وتتناغم مع السياسة الامريكية تلكأت أيضاً في الاعتراف دونما تفسير منطقي سوى تلك الاعتبارات الواهية لتقاليد العلاقات التاريخية مع يوغوسلافيا " تيتو " ، وروسيا الكبيرة . ماجرى في كوسوفو والنتائج الماثلة عطفاً على الاعترافات من عدمها تكشف بُعداً آخر في السياسة الدولية، فاسبانيا الأوروبية لا تعترف لأنها تواجه مشروع انفصال في اقليم الباسك، والمغرب لا تعترف لأنها مازالت حًبلى بمشكلة الصحراء، ومصر لا تعترف لأنها تعيش استيهامات الحالة القبطية التي تتفاقم إعلامياً، وهكذا . كوسوفو تعبير مركز عن محنة الدبلوماسية الدولية المعاصرة، كما أنها ترجمان آخر لفلسفة الكيل بمكيالين، وفي كل الأحوال تظل أمريكا المُبادرة المستأسدة أكثر قدرة على الفعل والكسب لأنها تقول وتفعل، ولهذا السبب كسبت إلى جانبها رومانيا " الارثوذكسية " وبلغاريا " السلافية " رغماً عن روسيا !! .