إذا ماتت الرحمة في قلوب البشر تحولوا إلى وحوش كاسرة، ويبدو أننا قد وصلنا إلى هذا الزمان الذي وجد في الطفولة فريسة ينقض عليها دون رحمة، كما حصل مع الطفلة نجوى التي وجدت نفسها عروساً تزف إلى شاب يكبرها ب 22 عاماً. قضية الطفلة نجوى لاتقتصر على كون عمرها ثماني سنوات ولا فارق السن بينها وبين عريس الغفلة، بل بالفظاعة والوحشية التي مورست على جسدها النحيل، منذ اليوم الأول للزفاف. الطفلة قضّت أيام وليالي العذاب ووصفتها بأنها اقسى ما عانت على مدى شهرين كاملين مع زوج بالإكراه يدمي لها القلب فهو متوحش، ويلين الحديد مهما كانت صلابته، إلا قلب ذلك الزوج حيث وجد في ضربها وإهانتها وملاحقتها من غرفة إلى غرفة للإنقضاض على جسدها الطفولي البريء متعة ما بعدها متعة. خوفها وهلعها الشديدان لم يحركا مشاعر الرحمة أو الشفقة في قلب ذلك الرجل الذي لو كان قد سبق له الزواج لكانت تلك الفتاة بعمر أصغر أطفاله، إنها مأساة الزواج المبكر في اليمن... وهي ليست وليدة اليوم بل متأصلة في ثقافتنا، فكم من طفلة زفت إلى زوجها وهي لا تدري إلى أين ينتهي بها القدر وما الذي ينتظرها في غرفة الموت؟! بعض أجدادنا الأوائل تزوجوا في هذه السن وأحفادهم يواصلون المشوار مع الفارق أن الأوائل كانوا يحملون في قلوبهم الرحمة والرأفة، يتزوجونهن صغاراً ثم ينتظرون إلى أن يبلغن سن الزواج ليدخلوا عليهن، بعدما يكن قد تهيأن نفسياً وجسدياً للزواج وتشكلت لديهما رابطة وعلاقة تؤسس لزواج ناجح ومتكافئ نوعاً ما.. فكيف بطفلة تم أخذها وهي تسرح دميتها إلى غرفة حمراء، المطلوب منها أن تقع امرأة وإلا فالضرب والإهانة ينتظرانها كما حدث لنجوى التي أخذت تهرب وهي تبكي من غرفة إلى غرفة ، وصاحبنا يقوم بملاحقتها كما يلاحق الذئب فريسته في الغابة. الزواج وإن اكتملت شروطه، هناك شروط للمعاشرة حتى لاتتحول العملية إلى مايشبه الاغتصاب وإن كان بعقد شرعي، تلك المعاناة دفعت الطفلة نجوى إلى الاتجاه إلى المحكمة لإنصافها وتطليقها من زواج لاتزال غير فاهمة ما الذي تعنيه كلمة زواج ولا معاشرة في غرفة مغلقة. إن ما حدث هو مؤشر خطير على الطفولة، يجب أن تسن القوانين التي تصون حقوقها، من أن تنتهك خاصة ونحن نعيش حياة من الفقر والحاجة وهي ما تدفع الكثير من الآباء إلى تقديم فلذات أكبادهم قرباناً من أجل المال، دون أن يشعروا أنهم بذلك ينتهكون حقوق أطفالهم، ويضيفون إلى المجتمع عبئاً إنسانياً ينعكس مستقبلاً على الأسرة اليمنية كما أنهم آثمون دينياً لأنهم خالفوا أوامر الله وقيم الاسلام.