حاجة الناس للماء، بل حاجة الحياة بكل تفاصيلها وكامل تكويناتها للماء حاجة ماسة وضرورية، لاتقبل الجدل، ولاتحتمل أية تفسيرات أخرى ، فلايمكن للحياة ان تستمر ولايمكن للأحياء ان يعيشوا حياتهم ويتمكنوا من البقاء بعيداً عن الماء، فالله سبحانه وتعالى يبين لنا هذه الحقيقة بقوله عز وجل «وجعلنا من الماء كل شيء حي» وهذا يعني ان التلاعب بهذا المصدر الأساسي، هو تلاعب بحياة الناس، وبالبيئة الطبيعية من حولهم، ومن ثم فهو إضرار مباشر بالمواطنين وتعريضهم لكثير من المخاطر.. وتعريض التنمية والاستقرار لكثير من المهددات. هذا هو واقع أهمية المياه للحياة والاحياء بعامة، وللإنسان بخاصة بحسب نص الآية.. ومن هنا حرصت الكثير من الدول على حماية مصادر المياه فيها، وتقنينها وتوظيفها على نحو يخدم الحياة والأحياء ويضمن سيرها بشكل لاتظهر معه أزمات.. ولهذا يرشح أهل الاختصاص الحروب القادمة أنها حروب مائية. على أية حال لن نوغل في الحديث عن المياه بهذا السياق، ولكننا أردنا أن نرسم لمحة عن أهمية المياه. التي تدفع الدول إلى دخول حروب لأجل ضمان استمراريتها دون مخاطر أو مهددات.. والهدف هو الإبانة أن الصبر على تفاقم أزمة المياه لاينبغي أن يؤخذ دون اهتمام بالغ وتقديرات دقيقة، وحسابات واضحة، بماقد يحدث مستقبلاً من جراء الوضع المائي لمدينة «تعز» والذي يتشكل في جانب منه من إهمال العنصر البشري المسؤول، وعدم الالتزام بخطة عادلة ومنصفة لتوزيع المياه لكل السكان بغض النظر عن مراكزهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتبرز هذه الحالة الواضحة من الاختلال في مصدري المياه بتعز: مؤسسة المياه، ومكتب الاوقاف ولكنها تبرز على نحو فوضوي في جانب المصدر الذي يديره مكتب الاوقاف، ففيه العجب العجاب، فهناك من تتدفق المياه إلى منازلهم مباشرة من المصدر «الغيل» وبدون محددات، وإلى درجة أن المرء يتمنى ان يكون شجرة في بستان أحد المتنفذين الذين تمتد الأنابيب إلى منازلهم بتدفق حر للمياه، عملاً بالتدفق الحر للمعلومات. ولانملك تفسيراً ولا تبريراً لهذا الأمر، لاسيما والصورة الأخرى أن العامة من الناس المستفيدين من «مياه صبر» يأتيهم الماء كل ثاني يوم ولعشر دقائق، حتى أن بعضهم لايتمكنون من ملء صفيحة من الماء، يحتاجها للشرب لأن مياه المؤسسة لاتصلح للشرب لشدة ملوحتها، ولعدم قدرة الغالبية على تنقيتها وتخفيف ملوحتها. نعم قد يقول القارىء الكريم: كيف يحدث هذا في مدينة كمدينة تعز ؟ وله نقول : صدّق ولاداعي للاستغراب فأنا لم أكن مثله أعلم بهذا الوضع رغم قربي من مصدر الماء وكوني أحد المستفيدين، مع أني أعاني من الشحة وأعاني من المجيء غير المرئي للماء، والذي يمكن أن نشبهه بدخول شعاع ضوء من ستارة حركتها الرياح فجأة. وقد علمت بهذا الوضع المؤسف، حين زارني عدد من أهالي الحي الذي أسكنه وطلبوا مني الكتابة عن هذا الموضوع، ولمتابعة معهم الجهات المعنية، وقدموا أمامي الأدلة على هذه الفوضى ورصدوا اسماء الذين تصلهم المياه دون محددات، ووجدت أنهم شخصيات ذات مراكز إدارية واجتماعية وسياسية رفيعة يفترض بها ان تكون قدوة، وأن تكون أكثر حرصاً على حماية مايتوافر من مياه هي بالأصل محدودة وشحيحة لا أن يقوموا بمايقومون به من إهدار وسوء استعمال لمواقعهم بل إن بعضهم قد أراد ذر الرماد على العيون، فعمل على تفريع انبوب مياه بصنبور ووضعه عند بوابة منزله ليستفيد منه الفقراء كإحسان يريد به وجه الله، وينسى هؤلاء أن الله طيب لايقبل إلا طيباً، كما أن المال المغصوب لايمكن أن يقام عليه مشروع خيري حتى ولو كان مسجداً ولهذا نقول لهم إذا أرادوا فعلاً وجه الله ومن ثم خير الناس فليتركوا الماء يصل لكل الناس بالتساوي وهم لاشك لديهم امكانيات وقدرة على شراء المياه، ولن يؤثر ذلك على وضعهم المالي، ولكنه يفتك باؤلئك الذين دخولهم لاتساوي قيمة كيس قمح أو كيس أرز، ناهيك عن أن الحاجة تتطلب شراء مياه عذبة، وأخرى للاستعمالات العامة تعويضاً عن غياب مياه المؤسسة اسابيع وظهورها باستحياء ليوم أو يومين. نكتفي بهذه الهمسة، ونشكر بالمقابل الأخ محافظ المحافظة الاستاذ صادق أمين أبو راس الذي أمر مشكوراً بإخراج ونزع الانابيب من المصدر وتسوية الوضع على النحو الذي يؤدي إلى وصول المياه للجميع، والشكر موصول للأخ الأمين العام الاستاذ محمد أحمد الحاج، الذي وجه أيضاً بنفس التوجيه وهذه توجيهات قرأتها بملف أعده المواطنون الشرفاء الذين يدافعون عن مصلحة عامة، ونأمل ان تقع هذه الهمسة في موقعها وتساعد على تحريك الموضوع ومعالجته قبل أن يستفحل، والله من وراء القصد.