استمرت حركة المعارضة اليمنية قبل الثورة ضد نظام آل حميد الدين الأسري في الشمال، وضد الاستعمار والكيانات الرجعية المتخلفة في جنوب الوطن، بهدف التحرر، وتوحيد شطري الوطن، وإقامة نظام ديمقراطي نهضوي، وقد بدأت المعارضة بالنصح والدعوة للإصلاح والتحديث السياسي والاقتصادي والحياتي لليمانيين، والدعوة لخروج الاستعمار من جنوب الوطن، وإلى إعادة توحيد الوطن اليمني. إلا أن حركة المعارضة لم تجد سوى الرفض والمطاردة والحبس والتنكيل وكذلك الإعدامات.. فما كان منها إلا أن طورت عملها، وخططت للتخلص من الأئمة كمعوق أمام التحديث والديمقراطية والوحدة اليمنية بعد التحرر من الاستعمار.. وكانت حركة 1948م في شباط.. حيث قُتل الإمام يحيى على يد المعارضة التي استولت على صنعاء، وأعلنت قيام حكومة دستورية، إلا أنها سقطت «أي الحركة» تحت حصار القبائل ومهاجمتهم لمدينة صنعاء، ووقع رجال الحركة في يد الإمام أحمد الذي خلف والده، وساق كل من قاموا وشاركوا في قتل أبيه إلى ميادين الإعدامات لتُضرب أعناقهم بسيف الجلاد.. وانبرى للحكم بقوة وطغيان لتنفذ ضده حركة في 1955م، لكنها فشلت كسابقتها، وتم إعدام كل من شارك وأسهم فيها.. ثم كانت تمردات القبائل في 1958م، وفشلت، ثم عملية الاغتيال في الحديدة، والحركات الطلابية، وكلها في إطار حركة معارضة تحمل مفاهيم تحررية وديمقراطية ووحدوية وتحديثية، في حدود ثقافة الفترة التي عاشوها.. لكنها كانت كلها بعيدة عن الشعب، ومتقوقعة على نفسها.. وكانت التحولات التي تهدف إليها محدودة، ولا تلبي إشباع تطلعات الشعب الذي كان يظل محايداً إن لم ينتصر للأئمة. كانت تجربة المعارضة مع الأئمة مُرّة وقاتلة، مما أدى إلى استفادة مجموعة من الضباط الصغار في الجيش ممن درسوا في العراق، وفي الكلية الحربية والشرطة، وممن تأثروا بحركة الثورة العربية في مصر «ثورة يوليو الناصرية عام 1952م»، وبما وصلت إليه الأقطار الشقيقة من تقدم وتطور، كما تأثروا بالمعلمين المصريين في الكلية الحربية.. فكوّنوا تنظيماً لهم سُمّي تنظيم الضباط الأحرار، وتطلعوا إلى الخلاص تماماً من نظام آل حميد الدين، ومن الاستعمار، والقيام بثورة لتغيير نظام الحكم كلية إلى جمهوري ديمقراطي وحدوي عربي، وتكونت لهم العديد من الخلايا، وعملوا بسرية.. في نفس الوقت كان الشعب من خلال حركات المعارضة، وسماعه عن الثورات العربية وعبدالناصر وحركات التحرر، مما هيأه لاستقبال الثورة ونصرتها، خاصة أن أهدافها التحررية التحديثية العصرية، الديمقراطية، الوحدوية، العربية، قد دفعت بالشعب إلى الالتفاف حول الثورة والانخراط في الحرس الوطني للدفاع عنها.. ثم إعلان الكفاح المسلح ضد الاستعمار، لتنتصر الثورة ضد استبداد آل حميد الدين الأسري، وضد الاستعمار البريطاني، وفي الدفاع عن الثورة اليمنية، لتنهزم القوى المضادة للثورة والاستعمار أمام ثورة الشعب في 1967م، وفي 1968م، وليبقى النضال مستمراً من أجل الوحدة والديمقراطية والتنمية حتى تحققت مطلع التسعينيات.