نجح اللبنانيون في اجتياز عقبة التحديات التي ألمّت بهم خلال الفترة الأخيرة، بحيث انتقلوا من حالة الصراع وعدم التوازن إلى حالة من الأمان بانتخابهم رئيس الجمهورية العماد ميشيل سليمان في إطار اتفاق الدوحة برعاية كريمة من الجامعة العربية، ويفتحون بذلك صفحة جديدة في تاريخ لبنان الحديث خاصة بعد أن كانت الرهانات كلها تشير إلى انقسام حاد في هذا البلد العربي الشقيق. لقد أغلق اللبنانيون بانتخابهم رئيساً للجمهورية كل الأبواب المفتوحة على احتمالات الحرب والانقسام، واستبدلوا بذلك خيار السلام والرجوع إلى المؤسسات في اتخاذ الخطوات الدستورية والقانونية على ما عداها من احتمالات، وبذلك يكون اللبنانيون قد انتصروا للسلام بالاعتماد على الحوار. وكم كنا نتمنى أن يعتمد الأشقاء في أقطار أخرى هذا النموذج في تغليب لغة الحوار على ما عداها من أوضاع خطيرة، وبالتالي يوفرون على شعوبهم ضريبة الدم جراء الاقتتال، ويعملون على تغليب الحوار وقيم الديمقراطية في إطار المؤسسات الدستورية والقانونية. لقد أثلجت نتائج عودة اللبنانيين إلى البرلمان لانتخاب الرئيس قلوب كل اللبنانيين مثلما أثلجت قلوب كل العرب لما يعتمل على هذا النهج من توجيه موارد وإمكانات هذا البلد الوجهة التي تحقق الرخاء والتقدم والسلام والاستقرار، ومجابهة التحديات في إطار من الوحدة والوفاق بين كل اللبنانيين. نعم نجح اللبنانيون في انتخاب رئيسهم، ولكن عليهم الآن استكمال المسيرة لأن يعود هذا البلد واحة للديمقراطية وبلداً للتوافق.