هل يمكن لأصحاب مشاريع الخراب أن يدّعوا أنهم أصحاب مشاريع بناء وتعمير؟ وهل يمكن لتجار الحروب أن يتغنوا بالسلام ويتخذوا من الحمام شعاراً لهم؟ وهل يمكن لعاقل أن يصدق شيئاً من ذلك حين يسمع أو يرى من يفعل شراً ويدعي أنه لايعرف سوى الخير؟! بالتأكيد إن كل إنسان يستطيع أن يدعي مايشاء من الأقوال والأفعال والصفات وقد سمعنا ورأينا هكذا نماذج..لكن الحقيقة لها وجه واحد تنفي وتثبت ولايمكن للظنون أن تجاريها ولايمكن للادعاءات أن تغير مسار الحقيقة ووجهها الصدق. أصحاب مشاريع الحرب يتحدثون عن السلام في المنطقة ليل نهار منذ عقود طويلة ولم تر المنطقة سوى المزيد من مشاريع الحرب والدمار، وذهبت أحاديث السلام وخرائطه أدراج الحروب والحقيقة لها حكمها ولها قولها الفصل في هذا الأمر خلاصتها أن الحديث عن السلام والمشاريع المنسوجة لهذا الغرض ليست صادقة لكنها مشاريع للتغطية والتضليل والخداع إذ إن مشاريع السلام لاتأتي ممن ينسجون ويخطون مشاريع الحرب والخراب ولايمكن لصناع الحروب أن يصنعوا سلاماً. مشاريع الحرب والدمار التي يصدرها إلينا الفرس والروم لايمكن لخطابات وأحاديث السلام أن تغطيها أو تغير من حقيقتها وإن جاء الحديث عن السلام من ألسنة الحمائم عند هؤلاء والحقيقة أن التجارب التاريخية القديمة والحديثة تحكي لسان صدق أن السلام لم يأت يوماً إلينا من قبل هؤلاء وكثيرة هي الحروب والحملات العسكرية التي اجتاحت البلاد العربية وكان مصدرها أحد قطبي الخراب في مشرق البلاد العربية ومغربها وكثيرة هي حركات التمرد التي حدثت بدعم وتمويل من أحد هذين القطبين السيئين إلى يومنا هذا، والعملية هي حرب وإن تمت بقوى محلية والنتيجة واحدة هي الخراب والدمار لكنها أسوأ لأنها تصيب البنيان الاجتماعي في البلد الذي تجري فيه بدمار لايقل عن دمار المساكن والمنشآت والمباني. هنا يطل سؤال آخر بالغ الأهمية : هل يمكن لمنابع الحرب ومصادر الفتن أن تصدر مشاريع سلام وقوة إلى بلدٍ ما أو تدعم تلك المشاريع هناك وتصدر مشاريع حرب وضعف إلى بلد آخر..الحقيقة التاريخية تقول لا وألف لا فالمشاريع التي تروج لها على أنها للقوة والسلام تكشفها المشاريع الأخرى التي تدعم التمرد والخراب وتؤسس للضعف وإن قيل إن الأمر يختلف وإن قال المتوهمون هناك فرق وتجاهلوا بأن المنبع واحد..ولا يمكن أن ينضح المنبع بالخير والشر معاً بالسلم والحرب معاً في وقت واحد ومرحلة واحدة، لكن الشر يستطيع أن يتستر بلباس الخير إلى أن يكتشف أمره بينما الخير لايأتي إلا بلباسه فقط ولا يأتي إلا من منابعه المعروفة. ٭ لأصحاب المشاريع الذين يدعون أن مشاريعهم من أجل البلد وأهله ومن أجل الأمن والاستقرار والذين يقولون إن مشاريعهم محلية المصدر والمنبع ومحلية الفكرة والهدف والذين يقولون إن مشاريعهم للبناء والسلام..لهؤلاء جميعاً نقول هذا أوان الصدق فلتنطق مشاريعهم ضد مشاريع الفرس والروم التي نطقت وكشفت عن حقيقتها بما لايدع مجالاً للشك وهي مشاريع معروفة بقبحها وبشاعتها من مطلع التاريخ إلى العهد القريب. اليوم يجب أن تحدد مواقفها وقد بان الأمر واتضح ونحن على يقين أن ثمة مواقف وثمة مشاريع وطنية بالفعل لم تطلها مشاريع العمالة والسوء والشر الموجه نحو الداخل وعليها أن تنفض عنها غبار الصمت وتكسر عقدة الخوف وتقول لا للخراب القادم من الشرق أو من الغرب لا للمشاريع التي يحاول مصدروها إلينا استعادة أمجاد امبراطورياتهم بعدما زالت من سوء مافعلوا على حساب أمن أوطاننا واستقرارها والتعايش السلمي بين ابنائها دون تناحر وانقسام.