يعتبر الفنان طلال النجار من الجيل المؤسّس أكاديمياً وفق تقاليد المدرسة التشكيلية الروسية المعروفة بقواعد معاييرها البيداغوجية الصارمة، فقد قضى هناك سنوات دراساته الجامعية وفي جوانيته بهاء الزرقة وأقواس قزح اليمانية، وبعد سنين من التجارب والممارسة الرأسية اختار إقامته الشخصية في مدينة صنعاء القديمة؛ كي يكون على مقربة من عبقرية العمارة والضياءات اليومية التي تتناوب الحوار الجمالي وهي تتغلغل بين الممرات والأروقة، وتكسي الأزياء الفولكلورية قيماً لونية لامتناهية . انطلق النجار من المدرسة الفنية الأكاديمية الواقعية مُجايلاً كوكبة من الفنانين الغائصين في تمثُّل جماليات المشاهد البصرية البكر للجبال والهضاب والسهول، فيما سار قدماً على درب رسم البورتريت ليصبح أحد أهم فناني البورتريت في اليمن والعالم العربي . فن البورتريت عند النجار ليس نقلاً صورياً للشخوص، ولا هو نوع من سد الذريعة المعنوية المرتبطة بصديق أوقريب، لكنه شكل آخر من أشكال التنويع على قابليات التلوين والتعبيرية الموحية، وتتميز خطوطه بالثبات الواثق الموشّى بقدر ملموس من المُحسنات اللونية اللامتناهية، وهو بهذا القدر أعاد الاعتبار لفن البورتريت بوصفه حالة مغايرة للنقل الصوري الذي تستطيع الكاميرا الحديثة التكفُّل به وإنجازه . خلال السنوات القليلة الماضية تابع الفنان طلال النجار تجربة جديدة استعارها من الحرف العربي، مع انزياحات صوب المدى الصوفي والنفس الإشراقي، رائياً بصورة خاصة لتجريدات الحروف، وآفاقها المفتوحة على التلوين الراقص، وتداعيها المُتناغم مع بهاء الألوان وكوة النور الأزلية التي تُلهمنا قراءة الجمع في عين الفرق، وترينا مايعنيه السديم اللوني الساطع، والتجريد المموسق بالقيم الجمالية المفتوحة، والميزان العاكس لمنازل القلوب واستلهاماتها المركوزة في أساس النص وتضاعيفه الكبيرة، بل السلالم الموسيقية اللونية النابضة بجدل الحراك المطلق والثبات القلق.