أربعُ سنوات بالتمام والكمال منذ اندلاع تمرد الحوثي في أجزاء من محافظة صعدة ، وموقفُ أحزابِ المعارضة لم يتغيّر من هذه الفتنة وكأنها ليست من اليمن ولا يعنيها ذلك لا من قريب ولا من بعيد باستثناء بعض القيادات سواءً كانت عليا أو وسطية في هذه الأحزاب التي أدانت التمرد بشيءٍ من الاستحياء ، الأمر الذي يدعو للتأمّل في منهجية تلك الأحزاب والآلية التي ترسم من خلالها الأفق السياسي المستقبلي لهذا البلد الذي يكتوي بنيران بعض أبنائه قبل أعدائه الا ان الالتفاف الشعبي المساند لأبناء القوات المسلحة والأمن البواسل في القضاء على هذه الشرذمة واستئصالِ شأفتها قد قللَّ من انعكاساتِ هذه المواقف السلبية التي أظهرت أن المعارضة في بلادنا لم تصل بعد إلى مرحلة النضج السياسي كونها لم تفرق بين الغث والسمين ، والنافع من الضار ، وتجعل كل أيامها سواءً .. لا أدري لماذا هذا الصمتُ المريبُ من قبل تلك الأحزاب وبالذات الإخوان المسلمين الذين ينظرُ إليهم أربابُ هذا الفكر الدخيل بأنهم أعداؤهم التاريخيون ، بل ويكفرونهم في كثيرٍ من الأحيان نظراً للتنافر الأيديولوجي ، وتصادم الرؤى والأفكار بين الجانبين ، إضافة إلى أنهم المستهدفون من هذا الفكر بالدرجة الأولى ، ولو عادوا بالتاريخ قليلاً وتابعوا تصريحات يحيى الحوثي التي قال فيها : إن هدف جماعته الحد من الفكر ( الوهابي ) الذي يتغلغل في صعدة وضواحيها واتهم الإخوان والسلفيين بمحاربة الفكر الزيدي ، على الرغم من انه ووالده وجماعته قد خرجوا عن الزيدية ، وتنكروا لها وشوهوا تاريخها ، بعد أن حاولوا إلباسَها بما ليس منها في شيء ، وعمدوا إلى تحريفها بما يتوافق مع أهوائهم ومصالحهم .. هذا الموقفُ السلبيُ للمعارضة تجاه التمرد يؤكدُ بما لا يدعُ مجالاً للشك أن هذه الأحزاب تتمترس خلفَ مثل هذه القضايا لتحقيق مكاسبَ آنيةٍ ضيقةٍ من خلال لَيِّ ذراعِ السلطة وإظهارها بمظهر الضعيف أمام الشعب بل ويشعر المراقبون أن الكثير - ولا أقول الجميع - من قيادات تلك الأحزاب راضون عما يرتكبه الإرهابيون من جرائمَ بحق أبناء محافظة صعدة وقوات الجيش والأمن البواسل الذين يقاتلون فكراً عنصرياً حاقداً يطمح إلى إذلالِ البلادِ والعبادِ حتى يرثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها من خلال استخدام الدين كورقة لتحقيق مصالح دنيوية مكشوفة للقاصي والداني إلا من يتعامى ويدّعي الجهلَ بما يطمحُ إليه هؤلاء المهووسون بداء العظمة والذين نسوا أو يتناسون قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنةَ من كان في قلبهِ مثقالُ ذرةٍ من كِبْر ). كنت أتمنى على قيادات تلك الأحزاب أن تستمدَ مواقفَها من قواعدها الشعبية التي أثبتت أنها أكثرُ وعياً وإدراكاً لخطر هذه الشرذمة ، بل وتساند القوات الحكومية في القضاء على عصابات التخريب في أسرع وقت ممكن ، بعد أن فشلت أكثرُ من عشر وساطات محلية وكذلك جهود الوساطة القطرية التي وصلت إلى طريق مسدود بعد أشهر من الأخذ والرد ، وتوقفت عند البند السابع المتعلق بنزول المتمردين من الجبال وتسليم أسلحتهم وعودتهم مواطنين صالحين ، إلا أن الفكرَ المنغلق الذي يحمله هؤلاء والهواجسَ المريضة التي تسيطرُ عليهم أدّت إلى رفض تطبيق هذا البند على الرغم من صدور عفوٍ رئاسيٍ شاملٍ عنهم ، ولو كانوا صادقين فيما يقولون فهناك تجارب معروفة للجميع بأنه عند صدور عفو عمن أخطأ في حق وطنه لا يتم ملاحقته أو إلحاق أي ضرر به ، كنت أتمنى على تلك القيادات الحزبية أن تدرك - وهي تعرف وتستكبر - خطرَ هذا الفكرِ على مستقبل اليمن بل والمنطقة برمتها لأنه ينطلق من أيديولوجية دخيلة لا تؤمن بالآخر مطلقاً ، وإلا لماذا لا يشكِّلُ أولئك المتمردون حزباً سياسياً في إطار التعددية السياسية ويسهمون في بناء وطنهم لا تدميره . وأخيراً ،، لابدَّ من توجيهِ بعضِ الأسئلةِ لقيادات تلك الأحزاب وبالذات حزب الإصلاح : هل يؤمنون بحصر الولاية في ( البطنين ) دون غيرهما ؟ وهل سَبُّ الصحابةِ رضوان الله عليهم وجرحُهم والتشكيكُ بهم بل والطعنُ فيهم أمرٌ يستدعي السكوت والمواربة ؟ وهل إنكارُ سنةِ رسول الله ، وتعطيلُ أحكام الشريعة ، وقتلُ النفس البريئة ، وقطعُ الطرق ، وإثارةُ النعرات الطائفية والسلالية والمذهبية وتشويهُ صورة اليمن والإضرارُ بسمعتها ومصالحها ، أمورٌ هينّةُ في نظركم ؟؟ أم أن الحال وصل بكم إلى مقولة ( علي وعلى أعدائي ) . كما لا يفوتني أن أوجه رسالة للحوثي ومن على شاكلته ممن يشعرون بالنقص وأن شخصيتهم لن تكت مل إلا بتحقيق أوهامهم التي عفا عليها الزمن أن يغادروا اليمن إلى بلد المنشأ لهذا الفكر المريض وسيجدون هناك من سيقبّلُ أقدامَهَم ويُعطيهم الخُمسَ من أمواله ويُحلُّ لهم زواجَ المتعة ، أما هنا في يمن الإيمان والحكمة فجميعُ اليمنيين سواءُ ، لا سيد ولا مسود ولا فرق بين أبيض ولا أسود إلا بتقوى الله. ومن أراد أن يشكك في قولي فعليه الرجوع إلى مقابلة صحيفة الوسط مع بدر الدين الحوثي في مارس 2005م وسيعرفُ أهدافَ المتمرد الحوثي ومخططاته ومنطلقاته الفكرية المريضة.. والعاقبة للمتقين .