مايحزن الإنسان في بلادنا هو أن يسمع كلاماً بالأطنان ولايجد أفعالاً بالأرطال وهذا التشبيه هو كناية عن قلة الأفعال قياساً بما نتكلم به ونأخذ مثالاً على ذلك مسألة البيئة والتي نتكلم عنها وعن أهمية المحافظة عليها صباح مساء كما أننا نحتفل سنوياً باليوم العالمي للبيئة واحتفالنا بهذا اليوم بالطبع يمثل ظاهرة إيجابية وحضارية لأن البيئة متلازمة مع حياتنا من الصباح حتى المساء بل في كل وقت وحين بل لا فكاك بيننا وبينها فهي الهواء الذي نتنفسه وهي الشارع الذي نسير ونلعب فيه وهي المياه التي نشربها هي كل شيء نعيشه ويحيط بنا،وكلنا يدرك أن للبيئة دوراً هاماً ومحورياً في حياتنا الصحية والاقتصادية والاجتماعية فإذا نجحنا في المحافظة على البيئة نكون قد نجحنا في كل جوانب حياتنا التي نعيشها وابتعدنا كثيراً عن كل مايعكر صفو حياتنا ووجودنا،فكلنا نحلم بأن نتنفس هواءً نظيفاً خالياً من كل الملوثات التي تكون أساساً بفعل الإنسان من أدخنة وعوادم السيارات والاتربة وغيرها من الملوثات وكلنا يحلم بأن يشرب مياهاً نظيفة وأن يرى مدينته نظيفة من كل المخلفات التي يتسبب بها الإنسان،كلنا يحلم بأن يرى المدن والطرقات والأماكن العامة وقد غطتها الأشجار،كل هذا مطلوب من كل الناس لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبإلحاح هو أين الفعل الذي نقوم به لخلق هذه البيئة التي سردناها في السطور السابقة أعتقد أن الكلام يطغى على الفعل بصورة كبيرة والدليل على ذلك هو أن الجهات المعنية بالمحافظة على البيئة لم تتحرك لمنع ماتتعرض له مدننا الرئيسة من تلويث متعمد لهوائها فالحافلات العاملة داخل المدن الرئيسية والتي تستخدم مادة الديزل كوقود عامل رئيسي في تلويث أجواء المدن من خلال ماتنفثه من أدخنة مركزة من احتراق مادة الديزل في الهواء فالبعض من هذه الحافلات يتخيلها المرء كالقطار الذي يستخدم الفحم الحجري من كثافة الأدخنة التي ينفثها خلفه وهذا بالطبع يستنشقه سكان المدن وخصوصاً الساكنين في الشوارع التي تعمل بها هذه الحافلات وليس هناك مبرر لاستمرار هذه الظاهرة المقلقة لماتسببه من أضرار صحية وبيئية والحل ليس مستحيلاً بل يكمن في دخل شهر واحد لهذه الحافلة أو تلك لإصلاح محركاتها إن لم يكن تحويلها ألى العمل بمادة البترول وهو الأقل خطراً على البيئة وهنا يستلزم تدخل إدارة المرور بإلزام أصحاب الحافلات بفعل مايجب للمحافظة على بيئة نظيفة بكل معانيها لابد وأن تكون هناك حملات توعية مكثفة بأهمية ذلك وبدون وعي الناس فإن النجاح لن يكون كاملاً ولابد من أن تستهدف حملات التوعية الأماكن العامة والمدارس والمساجد وكذا نشر الملصقات وتسخير أجهزة الإعلام في نشر الوعي البيئي بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني لأن المسئولية مشتركة وبإسهام الجميع نضمن النجاح فهل نرتقي إلى مستوى الفعل بعيداً عن الكلام والتنظير نأمل ذلك. للإحاطة أستطيع القول إن ثمانين بالمائة من الحافلات التي دخلت البلاد قد منعت من العمل في البلدان المجاورة لما سببته من أضرار في تلويث البيئة هناك وتم إعادة تصديرها إلى السوق اليمنية والتي أصبحت مقلباً لكل غث وسمين على مرأى ومسمع الجهات المختصة.