يختلف كل الناس حول «تعريف السعادة» ماهيتها، مفهومها.. الاختلاف يحدث حتى عند الفئة الواحدة، مثلاً فئة المثقفين.. لا يمكن أن يجتمع اثنان حول تعريف واحد للسعادة، كما أن الاختلاف يحدث بين فئة وأخرى، حث يختلف معنى ومفهوم السعادة عند الفئة المثقفة عنه عند العامة، وعند الحضر عنه عند الريف، وعند الأثرياء عنه عند الفقراء.. وهكذا. من وجهة نظري أيضاً قد أختلف بل أجزم أني أختلف أيضاً مع الكل، ولن أقول إني الصحيح، لكن هذا إحساسي، أن السعادة هي مسألة ذاتية.. إحساساً، ومفهوماً، وماهية.. وكما قلت من وجهة نظري أن السعادة هي إحساس ذاتي داخلي «سيكلوجي» بالرضا.. فكلما كنت راضياً عن نفسك كنت سعيداً.. وحسب فترة «الرضا» تكون فترة السعادة، فإن كانت حالة الرضا دائمة كنت في سعادة دائمة، وحين تكون حالة الرضا قصيرة كانت سعادتك قصيرة.. أي بدوام الرضا عن النفس يكون دوام سعادتك، وبزوال حالة الرضا تزول حالة السعادة.. ولا أستبعد أنه بالإمكان أن يكون الزوال الفجائي للرضا أو السعادة، أو الزوال التدريجي للرضا والسعادة. طبعاً الإنسان مازال ذلك العالم المجهول والغريب رغم ما توصل إليه من معرفة واكتشاف لنفسه.. ومع ذلك فإنه مازال عصياً على سبر أغوار «النفس البشرية»، هذه النفس التي بحث الإنسان فيها وتوصل إلى نظريات ومفاهيم وماهيات عنها، وتحديد أمراضها وتصنيفها وطرق علاجها.. لكنه حتى اليوم لم يستطع أن يعالج هذه النفس ويشفيها مما تصاب به من أمراض، وإن نجح الطب النفسي في علاج حالات فإن ذلك في حدود التهدئة، وليس الشفاء الكامل من الحالة. السعادة.. هي حالة شعورية، وإحساس نفسي ترتبط بوجود حالة من الرضا النفسي، وتفتقد حين يفتقد الرضا النفسي.. طبعاً هذه غير السعادة المادية التي ترتبط بالمادة، فالمال قد يحقق السعادة، والجاه والسلطان والنفوذ قد يحقق السعادة، والدنيا بمغرياتها الحياتية والمادية قد تحقق السعادة، لكنها سعادة مادية لا تتعدى الجانب المادي للإنسان، أي اللذة الحسية «الجسدية».. أي أنها لا تصل إلى أعماق النفس وتحقق الرضا، وبالتالي السعادة النفسية.. وعليه قد نجد أناساً فقراء أسعد من أكبر الأثرياء، وسعادتهم حقيقية، وليست مادية محدودة.