كثيرة هي الظواهر الشاذة التي تواجه حياتنا وتتحكم بها وبمصيرنا غالباً ومنها ظاهرة الزحمة التي نجدها في المرافق الصحية والمستشفيات والمختبرات الطبية وتسحب الظاهرة نفسها على شوارعنا وأسواقنا وداخل مؤسساتنا الخدمية بل حتى في المطاعم الشعبية وأماكن بيع (القات)، لكن أخطرها تلك التي تواجهنا داخل المرافق الصحية وفي العيادات الطبية الخاصة والمختبرات ويزداد الأمر تعقيداً حين يكون المراجع للأطباء يحترق من خطورة الحالة الصحية التي يراجع عليها ويطارد من أجلها الأطباء والمختصين وينتظر في كل مرة ليحاول فقط فيها عرض فحوصات أو عرض علاج للطبيب المختص والذي قد يستغرق منك وقتاً يمتد من الرابعة عصراً وحتى الثامنة مساءً لكي تعرض للطبيب نتائج الفحص لمريضك وتلك حالة يعيشها الغالبية إلا من رحم ربي منهم والذين يحظون بخدمات استثنائية وميسرة لعوامل عديدة منها وأبرزها المعرفة والعلاقة الشخصية أو الجاه والنفوذ ..!! ما يثير الحفيظة هنا هو أن هذه الزحمة مفتعلة في الغالب وأن بالإمكان تجاوزها لو أن هناك تنظيماً ودقة والتزاماً من قبل الأطباء والقائمين على إدارة وتنظيم العيادات الخاصة هذا أولاً, ثانياً: هناك إمكانية لدى الأطباء لتنظيم خدماتهم وتسهيل مهمة مراجعيهم لو أرادوا هذا ولم يفضلوا فكرة «الزحمة» للإيحاء بأنهم أطباء بارزون ومشهورون و«الزحمة» عليهم دليل على أنهم الأفضل والأكثر نجاحاً من غيرهم , طبعاً أنا لا أقلل من مكانة أطبائنا ولا أنتقص منهم ومن خبرتهم ولكني آخذ عليهم حالة اللامبالاة التي يقابلون بها تلهف المراجعين ورغبتهم في معرفة الوضع والحالة الصحية لذويهم لأنه من غير المعقول أن ترابط على باب عيادة طبيب لمدة خمس ساعات فقط لكي تعرض عليه نتائج الفحوصات المخبرية التي قررها ..!! الأمر الآخر هناك حالة تجاهل للمشاعر لدى بعض الأطباء وخاصة في المرافق الصحية الحكومية والذين يقابلون مراجعيهم ببرودة أعصاب وعدم اكتراث وتفاعل مع معاناة المراجع والتعامل ببروقراطية متسلطة تشعر معها كم هو الإنسان رخيص لدى هؤلاء خاصة أن تعلق الأمر بحالة مرضية خطيرة، تحتاج من الطبيب إلى الإحساس ومراعاة مشاعر ذوي المريض الذين يقيسون حالتهم من خلال الطبيب فإن كان متفاعلاً ومقدراً حالتهم منحوه الثقة حتى لو أخطأ في التشخيص والعلاج وكانت النهاية قاسية أما إن كان بارداً فسيصيب المراجعين بالإحباط حتى وإن كان ماهراً في التشخيص والعلاج , والأمل في البعض من الأطباء أن يتعاملوا مع مثل هذه المشكلة بقدر من الوعي والحرص والإدراك لأن الثقة بالطبيب نصف العلاج كما أن المهنة تحتم على منتسبيها التزامات سلوكية ومواقف لا بد من أن يأخذوا بها حتى يكونوا عند مستوى قيم المهنة وأخلاقياتها وبعيداً عن «الزحمة» التي يمكن وبسهولة تجاوزها في كل مكان .