تظل أزمة مياه تعز قائمة، ولاتلوح في الأفق أية بوادر باتجاه حلها، بل ربما قد تزداد تفاقماً مع الأيام، الأمر الذي ينذر بكارثة مرتقبة إذا لم يتم معالجة هذه الأزمة معالجة سريعة وجذرية. هذه الأزمة التي تعانيها تعز تزداد حدة في ظل سوء توزيع واستخدام واستهلاك ما تبقى من مياه، فالجهات المعنية تعترف بأن الأزمة إدارية بالدرجة الأولى، ذلك ما أكده وزير المياه والبيئة وفي أكثر من مناسبة، إضافة إلى أن هناك أسباباً أخرى لم تسهم فقط ببقاء الأزمة، بل عملت وتعمل على تفاقمها ومن هذه الأسباب سوء التوزيع والكمية المرتفعة من المياه المهدرة الناتجة عن التسرب في أنابيب شبكة توزيع المياه وغياب الوعي لدى المواطن بضرورة الترشيد في استهلاك المياه والحفاظ عليها. رغم الحديث عن استبدال الشبكة القديمة لتوزيع المياه بشبكة حديثة في العديد من حارات المدينة، وأن هذا التحديث سيعمل على الحد من نسبة المياه التي تذهب هدراً، إلا أن ذلك لم يغير شيئاً، فلاتزال المياه المهدرة تتدفق بغزارة في شوارع وأزقة الحارات التي يصل إليها الماء؛ بسبب تلف في بعض أنابيب الشبكة، حتى أصبحت علامة مميزة يعرف عن طريقها وصول المياه أو انقطاعها عن هذه الحارة أو تلك، حيث تظل جارية في الشوارع إلى أن يتم قطع المياه، وهو مايمثل هدراً كبيراً للمياه، فإذا فرضنا أن الفترة المقررة للحارة الواحدة للتزود بالمياه بين«5 7» أيام في الشهر فكم ستكون الكمية المهدرة من المياه إذا ظل التسرب هذا طوال الفترة ليلاً ونهاراً، لاشك أنها ستكون كمية كبيرة جداً، هذا في حارة واحدة، فما بالنا إذا كان في كل حارات المدينة. المواطن أيضاً مساهم أساسي في تفاقم هذه الأزمة بتجاهله بقصد أو دون قصد ضرورة الترشيد في استهلاك المياه، فالكثير من المواطنين وعندما يأتي دورهم في الحصول على المياه بعد طول انتظار يتعاملون معها بانتقام وتشفٍ، فيستخدمون الماء بإسراف وعبث كبيرين، وكأنهم يعوضون مافاتهم منه طوال فترة غيابه عنهم دون إدراك لقيمة هذا الماء وأهميته بالنسبة للحياة، ودون إدراك أيضاً لما قد يصل إليه الحال إذا ما استمر الوضع بهذه الطريقة. كما أن هناك البعض تكون خزانات المياه لديهم معطوبة، وتظل تسرب المياه طوال الفترة التي يكون فيها مشروع المياه لديهم، ولايكلفوا أنفسهم حتى إصلاح هذه الخزانات ، وكأن الأمر لا يعنيهم ، ويتجاهلونه دون إحساس بالمسئولية ودون اكتراث لما قد يتسببونه من أزمة سيعانيها الجميع. وأعتقد أنه لمواجهة هذه المشاكل فإن المطلوب من الجهات المعنية أن تتخذ إجراءات صادقة وحازمة باتجاه الحد من العبث والهدر بالمياه، وذلك عبر إصلاح مايتعرض للتلف من شبكات توصيل المياه، سواء قبل ضخ المياه إلى الحارات المستهدفة أو سرعة إصلاح مايطرأ من خلل أثناء فترة توزيع المياه، لضمان عدم حدوث هدر للثروة المائية. كما أن على مؤسسة المياه القيام بحملات تفتيش مفاجئة، ولتكن ليلية إلى الحارات التي يضخ إليها الماء لمعرفة البيوت والمنازل التي يتسرب الماء من خزاناتها وإشعار أصحابها بضرورة إصلاحها كخطوة أولى، فإذا لم يستجيبوا يتم قطع المياه عنهم وسحب العدادات، ولايتم إرجاع الماء إلا بعد فرض غرامة مالية تأديبية حتى يعرف أن «الله حق» ويحس بالمسئولية وبقيمة مايهدره من مياه ليست من حقه فقط بل من حق الجميع أيضاً، ويشترط هنا أن يتم التعامل مع أمثال هؤلاء بصرامة شديدة ليتأكد الجميع من جدية الجهات المعنية وتوجهها نحو الحفاظ على المياه فيحسبون ألف حساب لما قد يحدث لهم إذا ما أهملوا في هذا الجانب. أيضاً يجب أن تقوم الجهات المعنية بحملة توعوية مكثفة تستهدف أبناء المجتمع حول ضرورة الترشيد في استهلاك المياه، كما هو حاصل في العديد من بلدان العالم، وأقرب مثالين لنا الشقيقتان السعودية والكويت، رغم إمكاناتهما وقدراتهما الاقتصادية الضخمة إلا أنهما يقومان بحملة توعوية في الصحف والفضائيات حول ترشيد استهلاك الماء والكهرباء. وفي الأخير إن الوضع الراهن يفرض علينا جميعاً - جهات معنية ومواطنين- التعامل مع هذه الأزمة بمسئولية وإلا سنجد أنفسنا بعد أعوام قلت أو كثرت في جفاف لانجد معه قطرة ماء واحدة.. وسنندم ساعتها وقت لاينفع الندم .. ! Abo - [email protected]