كانت الساحة اليمنية قد استيقظت على صوت استغاثة «غير متوقعة» نقلها إلينا موقع «المؤتمر نت» وأردفته «الجمهورية» عن رافدٍ عظيم من روافد الوفاء والحس الوطني الذي أغدق ولايزال يغدق شعوراً بعظمة الإنسان اليمني وروعة الإنجاز وسمو المكانة وشموخ الوطن.. إنه «أيوب طارش». مهلاً أيها اليمنيون.. هذه لحظة مكاشفة نريد أن نحياها جميعاً حتى لايقال إن أهل الوفاء قد ماتوا. إنها مفارقة عجيبة وجحود مابعده جحود أن نترك يداً تتألم وهي التي أبدعت زهاء عشرين ملحمة غنائية وطنية صاغتها من نبض المقاتلين البواسل وصيحات الانتصار وهتافات الجموع وأنين الجرحى في ساحات التضحية وابتسامات الطفولة تحت سارية واحدة في كل ذكرى وطنية وكل عيد مجيد. أي يوم هذا الذي يتحول فيه الصوت الذي ترعرعنا وتنشأنا على شدوه الأخاذ الذي كان ولايزال يلهب فينا الحماس للتضحية والفداء وتشمير السواعد لبناء هذا الوطن واستشعار المسئولية تجاه حاضره ومستقبله يتحول إلى ترددات حزينة بنبرة الحرمان وصدى الاستغاثة..؟؟ أيها المثقفون بعيداً عن تذكير الساحة اليمنية بأن أيوب طارش صاحب أطرب حنجرة «جوابية» يمنية - هذا على خلاف من يمتلك جواب الصوت وقراره وهو الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه - وأن أيوب طارش يتصدر وبجدارة قائمة الغناء اليمني الرومانتيكي وكذا الأغنية الصوفية ونجاحه الكبير في أداء اللحن التراثي بتجديد مستحسن دون أن يغير أو يشوه الصبغة التراثية، وأغنية «وامغرد» أنموذج لذلك. وبعيداً أيضاً عن دسامة الكلمة عند أيوب وشعرائها الفحول «عبدالله عبدالوهاب نعمان، عثمان أبو ماهر، إبراهيم الحضراني، حسن الشرفي، محمد أحمد منصور، عبدالرحمن عبدالجليل، عباس الديلمي، أحمد الجابري، عبدالحميد الشائف، عبدالله هادي سبيت، محمد يحيى الجنيد وغيرهم..». وبعيداً أيضاً كذلك عن تلك المقدرة الفنية والصوت الفريد الذي غمر أيوب طارش بالتواضع والحياء وحب الحياة السهلة والقرب من الناس وحبه للجميع. بعيداً عن هذا كله فإن صوت أيوب طارش لايزال اليوم قلعة ذات سحر مكنون وثغراً عميق التأثير في إذكاء جذوة الوحدة في النفوس ونقل الإحساس الوطني الخالص مباشرة إلى وجدانات الناشئة، ومافتأ اليوم داعية في كل محفل داخل الوطن وخارجه لكل القيم الوحدوية والمآثر الفريدة التي اجترحها الشعب اليمني، وأصبحت تجربته في لمّ الشمل مرجعاً تستفيد منه التكتلات الأوروبية بين الفينة والأخرى. هذه مهمة وطنية يحرص أيوب طارش على أدائها بأكمل وجه.. ودوره هذا هو المتصدر، وهو الأكثر جذباً لانتباه المستمعين، وأمام طاقاته الصوتية تخفت محاولات فنية وأعمال غنائية تبحث عن ديمومة الحضور، ذلك أن الذائقة الفنية الشعبية لاتحابي أحداً، فكم نشيد مجته الطباع وملته الأسماع ولم يبق سوى «ياسموات بلادي» ، «رددي أيتها الدنيا نشيدي» ، «املأوا الدنيا ابتساما» ، «ضمني ياحب» ، «لمن كل هذي القناديل» ، «الوطن المضياف» ، «سبتمبر التحرير» ، «مجد ذي يزن» وغير ذلك. الخلاصة أيها المثقفون وزبدة القول: لقد غفلتم جميعكم أنتم ووزارة ثقافتكم وحكومتكم وصناديقكم وهيئاتكم عن دعم المبدعين والقامات الوطنية ليصدق فيكم قول أيوب في أغنية وطنية «الوحدة الكبرى» - أظنها من نتاج السبعينيات - تعرض فيها للانتصارات اليمنية ثم تطرق بل هو الشاعر أحمد الجنيد إلى حقوق الفلسطينيين التي تسلب بمباركة هيئة الأمم ومعايير المجتمع الدولي المزدوجة قائلاً: فإذا بريق الفلس يُفْ حِمْ رائعات الأصمعي فاليوم يصح هذا الحدس الأيوبي، فها هي حفنة من المال تلجم الأصمعيات و عصماوات ونفائس أدب القضية والنضال . والأصمعي: لغوي وشاعر وراوية من رواة ال...... «عفواً لاداعي للتعريف به.. فنحن جهلنا مشهوراً بين ظهرانينا فأولى من ذلك جهلنا أعرابياً سكن البصرة في القرن الثاني للهجرة».!! المهم غفلتم، تجاهلتم، ومابقي سوى الإنسان علي عبدالله صالح متيقظاً لآلام المرض عند أيوب وزوجه «أم رفعت».. بقي هذا الإنسان وحده مستجيباً لنداء الوفاء، ومنتصراً لرائعات «الأصمعي» بدعم مليوني في كل رحلة علاجية. فأكرم به من رجل عظيم، وقائد لا تعزله أمور اليمن الجسام عن تذكر ذوي الإخلاص والوطنية ومساندتهم للتغلب على نوبات المرض وسخرية التجاهل. لفنان القيم الثلاث «الخير، الحق، الجمال» نتمنى الشفاء العاجل.