في بلادنا تفهم المعارضة أنها معارضة، وتعارض كل شيء يصدر عن الحزب الحاكم أو السلطة، دون أن تأخذ بعين الاعتبار سلامة وصحة وفائدة ما يطرح من مشروع من قبل الحزب الحاكم، أو السلطة.. وهذه إشكالية لا نعانيها في بلادنا فقط، لكن تعانيها كل البلدان الديمقراطية الناشئة لقلة خبرتها السياسية، ولهوس الناس بالمعارضة من أجل المعارضة.. فأنا حزب معارض عليَّ أن أعارض و«بس» «مش ضروري حتى أفهم ماذا أعارض!!» المهم أن كل مشروع يطرحه الحزب الحاكم أو السلطة يجب أن أعارضه، لأني هكذا «معارضة»!! وهذا من أسباب تخلف الديمقراطيات، وبطء النمو والتنمية في بلدان الديمقراطيات الناشئة.. لأن مواقف المعارضة ومعارضتها لا تتوقف عند حدود إعلان اعتراضها على هذا المشروع السياسي أو الدستوري أو.. أو... ما شابه ذلك.. بل تتعدى المعارضة إلى افتعال المشاكل والأزمات السياسية وإدخال البلاد في دوامة من المشاكل تستنزف الكثير من وقت وجهد الجميع في سبيل التنمية، مما يؤدي إلى التأخر، واستمرار التخلف، وبطء التنمية، وولادة الكثير من المشاكل. في بلادنا هناك مشروع تطوير الدستور، وبالتالي تطوير النظام السياسي ومؤسسات الحكم.. هذا المشروع طرحته القيادة السياسية كمشروع أخذ أبعاده وتفاصيله في كل الاتجاهات، وهو مشروع طيب ومفيد سيؤدي إلى تحديد مسؤوليات الحكم بشفافية ودقة ووضوح وإنهاء إلقاء المسؤولية على هذا أو ذاك، أو الجمع بين السلطات. أنا مع المعارضة في أنها لا تقبل كل ما يطرح من الحزب الحاكم أو السلطة دون نقاش وأخذ وعطاء، لكن أن ترفض كل ما يقدم من السلطة أو الحزب الحاكم أو رئيس الدولة فذلك أمر غير منطقي ولا عقلاني.. إن من حقي كمعارض أن أتلقّف أو أستقبل ما يأتي من السلطة وأخضعه للدراسة وأزيد عليه، أو أحذف، أو أعيد صياغة ما أراه، معللاً ومسبباً إضافتي أو حذفي أو ما أعدت صياغته، وأعيد الكرة إلى ملعب السلطة.. وحتى الحزب الحاكم عليه أن يستقبل المشاريع التي يمكن أن تتقدم بها المعارضة ويدرسها ويضيف ويحذف ويغير فيها، معللاً ومسبباً ذلك.. وهكذا ممكن تستقيم الحياة، وتحدث إصلاحات، وتستفيد البلد كلها.. فإذا كنا نحمّل الحاكم مسؤولية الحكم فإننا نحمّل المعارضة مسؤولية المعارضة البناءة