أيام قلائل تفصلنا عن حلول شهر رمضان المبارك, وفي الوقت الذي بدأت الكثير من الأسر بشراء حاجيات هذا الشهر الفضيل اتجه الكثير من التجار إلى استغلال هذا الإقبال الجماهيري الواسع على شرائها في افتعال زيادات سعرية على هذه المنتجات والسلع بشكل مجحف طمعاً منها في كسب فوائد وأرباح مالية باهظة في مرحلة تمثل موسماً سنوياً يستغله التجار في التلاعب بالأسعار واحتكار العديد من السلع التي يتضاعف الإقبال عليها خلال هذا الشهر الفضيل. ولعل ما ميز هذا العام أنه تم تدشين هذا البرنامج مبكراً، حيث شهدت الأسواق المحلية ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار بعض المنتجات والمواد الغذائية والاستهلاكية أقرها التجار بصورة عشوائية قائمة على الارتجالية والسعي لتحقيق مصالح وأرباح ذاتية على حساب المواطنين البسطاء والمعدمين وذوي الدخل المحدود. ولم يكتفوا بذلك بل عمدوا إلى إخفاء العديد من السلع وبيعها بطرق سرية وبمبالغ مرتفعة، كما هو حال مادة الغاز والتي تشهد السوق المحلية أزمة حادة فيها، افتعلها التجار أنفسهم رغم توفر هذه المادة بكميات هائلة تفيض عن حاجة الاستهلاك المحلي، إلا أن تجار الغاز ممن لا ضمائر لهم بدأوا بإخفاء هذه المادة وأضحت محلات ومراكز ومستودعات بيع الغاز في بعض المدن والمناطق اليمنية موصدة أبوابها أمام المواطنين.. فيما عاودت ظاهرة الطوابير الطويلة أمام المحلات التي تبيع هذه المادة للحصول على اسطوانة غاز، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار اللحوم والبيض ومشتقات الألبان والزيوت، ولم تسلم حتى الدجاج من حمى الزيادة السعرية، الأمر الذي ضاعف من معاناة المواطنين وأوضاعهم المعيشية المتدنية في ظل أزمة الغذاء العالمية التي شهدها العالم مؤخراً وهو ما يُنذر بمعاناة صعبة تهدد المواطنين من شأنها تعكير صفو الأجواء الإيمانية الرمضانية لدى الكثيرين في ظل غياب شبه تام لدور الجهات المختصة في وزارة الصناعة والتجارة والسلطات المحلية في المحافظات والمديريات، والتي تعودنا كل عام أن يقتصر دورها على التصريحات الإعلامية النارية فقط، أمًّا الحلول والمعالجات للمشاكل السعرية والتموينية وعلى وجه التحديد أزمة الغاز المفتعلة تظل سائدة، وهو الأمر الذي على ما يبدو أعطى الضوء الأخضر للعديد من التجار وأرباب المصانع للتلاعب بالأسعار والاحتكار والمضاربة للمنتجات والمواد الاستهلاكية، ما دام رد الجهات الرسمية يقتصر على التصريحات فقط وفي أحسن الأحوال يتم تطبيق القانون على أصحاب البسطات والعربيات وصغار التجار، فيما يظل عتاولة التجار من مصاصي أقوات المساكين يمارسون بطشهم وابتزازهم للمواطنين طوال أيام وليالي شهر رمضان المبارك، ويمتد ذلك إلى ما بعد العيد، فيما تبقى الرقابة معطلة دونما استشعار لفداحة وجسامة هذه التصرفات غير السوية وحجم آثارها وانعكاساتها الضارة. وكم أتمنى ومعي الملايين من المواطنين أن تمضي الحكومة في تنفيذ القرارات والتوجهات التي خرج بها الاجتماع الأخير الذي جمع رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور وقيادة وزارة الصناعة والتجارة والمتضمنة اتخاذ جملة من الاستعدادات المبكرة لتوفير متطلبات وحاجيات شهر رمضان المبارك وتفعيل الدور الرقابي والتمويني لضبط إيقاع السوق والالتزام بالأسعار الرسمية ومنع الاحتكار وافتعال الأزمات، وأن نلمس هذه التوجهات كإجراءات فعلية على أرض الواقع تمكن المواطنين من تأدية فريضة الصيام دونما معاناة أو مصاعب ومشاق معيشية. ولتكن البداية من الآن حيث من الضرورة بمكان الشروع في تشكيل لجان رقابية مشتركة من وزارة الصناعة والتجارة والسلطة المحلية على مستوى المحافظات والمديريات، مهمتها تتبع حالة السوق المحلية وردع من تسول له نفسه المتاجرة بأقوات المواطنين والنصب والتحايل عليهم، ليأتي رمضان في ظل أجواء وأوضاع تموينية مستقرة خالية من الأزمات، ما لم فإن الخطبة ستظل الخطبة والجمعة الجمعة وسيظل المواطن الغلبان عُرضة للسلب والابتزاز وسيظل يكابد مرارة الغلاء وشظف العيش هو وأفراد أسرته وعلى نطاق واسع في إطار المجتمع الواسع والمتعدد الأوجه. أملي أن لا يستمر هذا الحال وثقتي بالحكومة والأجهزة الرقابية أنها ستكون عند مستوى المسؤولية رفقاً بالمواطنين ورحمة بهم وتفهماً للأوضاع التي يعيشونها وانطلاقاً من المرتكزات الأساسية التي تضمنها البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، والذي يأتي في مقدمتها تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين والتخفيف من الأعباء المعيشية التي يواجهونها ومحاربة التلاعب بالأسعار والاحتكار وأساليب الغش التجاري، وإن غداً لناظره قريب. والله من وراء القص