وفّرت الحرب الأخيرة - الصغيرة- نزهة للدب الروسي كان بحاجة إليها لينفض عن نفسه التجاهل والنسيان اللذين مارسهما المعسكر الغربي ضده منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك المعسكر الشرقي وحلف وارسو.. .. أراد العملاق السوفيتي السابق، والثعلب الروسي الحالي، أن يحصل على فرصة مواتية للخروج من مخبئه والتصرف بطريقة رادعة فيها الكثير من الاستعراض والإعلان عن نفسه أكثر من كونها حرباً حقيقية أو مصيرية. .. وقد كان له ما أراد بفضل الاندفاعة الحمقاء والمتهورة التي مارسها «ساكا شفيلي» ورفاقه من عسكر جورجيا المدفوعين من الغرب. .. ولم يكن أحد يتوقع - ربما - ردة الفعل الروسية العنيفة والمباغتة التي فاجأت الغرب، وفي المقدمة واشنطن وقيادة البنتاجون الأمريكي، قبل أن تفاجئ جورجيا نفسها. .. استفزاز الدب الروسي واستعداء صبر وتحفز ورثاء الكرملين والجيش الأحمر في موسكو، عاد على أباطرة حلف «النيتو» ومن ورائهم النزعة التسيدية والتوسعية للولايات المتحدةالأمريكية بصدمة ثقيلة شربها «ساكا شفيلي» لوحده!. .. ومنيت بها جورجيا كجبهة متقدمة يستخدمها "النيتو" وعسكر أمريكا لمحاصرة روسيا والتضييق عليها أو تقليص خياراتها المتاحة. .. حصل الجيش والقيادة الروسية المتناغمة والشابة على فرصة ذهبية مناسبة لاستعراض القوة والحزم؛ والرد على الاستعراض الأمريكي الذي مازالت واشنطن تصر عليه من خلال مشروع «الدرع الصاروخية المضادة» للهجوم بالصواريخ العابرة للقارات. .. أخطأت واشنطن مرتين، مرة بتجاهلها المتواصل والمستفز للاعتراضات الروسية والمخاوف المشروعة التي بدأتها موسكو تجاه مشروع «الدرع الصاروخية». .. ومرة بدعمها وتبنيها الاستفزازي لضم كل من جورجيا وأوكرانيا إلى معاهدة حلف «النيتو» برغم الصراخ الروسي الذي لم يهدأ!، .. وكان واضحاً أن الهدف هو فرض مزيد من الحصار والتضييق على روسيا الاتحادية واستهداف الوريث السوفيتي في عقر داره. .. جورجيا استخدمت كطعم للإيقاع بالروس، ولكن اتضح لاحقاً أن المعسكر الغربي ابتلع الطعم وليس العكس، وأن الرد الروسي الحازم سجل نقاطاً مهمة في خانة الثنائي «بوتين - ميدفيدف» ولحساب اليقظة الروسية والدب الروسي!.