سيبقى تمثال العدالة مغمضاً عينيه على الأقل في نظر الناس ما لم يأخذ المظلوم حقه كاملاً عبر إجراءات تقاضي لا تجعل من اللجوء إلى القضاء مشكلة أخرى. ومن الأمور التي تسيء إلى القضاء وأهله أن يعم الاعتقاد بأن صرف النظر عن الحق أهون من طرق أبواب المحاكم. والواضح أن القضاء في اليمن يتطور.. حقيقة تظهر في أجيال جديدة من القضاة لم يتأثروا بالمحطات الفاسدة من تأريخنا مع القضاة. كما أن في محاسبة بعض القضاة وعزلهم واستخدام نظام التدوير بما يمنع من دخول القاضي في شبكة مصالح قوية ساعد على تحسن صورة القضاء .. غير أن الحاجة ملحة لأن يكون تسريع التقاضي في القضايا غير المعقدة هدفاً لكل المشتغلين بالقضاء؛ لأن غير ذلك هو الدعوة الضمنية لأن يأخذ المظلوم حقه بيده بما في ذلك من اجترار لثقافة الثأر والاعتقاد بأن اللجوء إلى المحاكم هو سبيل العاجزين. إن قاض واحد يتمتع بالشجاعة والنزاهة والفهم العميق لمقاصد الشريعة وأهداف القانون يستطيع أن يكرس في محيط محكمته الكثير من القيم الجميلة والقناعات التي تصب في إشاعة ثقافة الإيمان بأن القضاء هو فعلاً حصن الجميع وملاذ كل مظلوم. التطويل في التقاضي كارثة حتى لو انتهى بإحقاق الحق.. فهذه امرأة مصرية ماتت من الفرحة بعد سماعها صدور قرار تمكينها من شقتها في المحكمة، ولكن بعد أن استمرت قضيتها في المحاكم أربعة أعوام كاملة.