أمس الأول«الجمعة» احتفل شعبنا اليمني في الداخل والخارج ومعه الكثير من الشعوب والدول الشقيقة والصديقة، احتفلوا بالعيد السادس والأربعين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي باعتقادي أن القصة الحقيقية لها مازالت تكتنفها الغموض رغم وضوح أهدافها وأسبابها وحتى من هم رجالها وشهداؤها الحقيقيون. أنا على قناعة كاملة بأن أي ثورة لها أهداف معلنة وأخرى غير معلنة باعتبار أن هذه الأهداف غير المعلنة هي المحرك الرئيس لهذه الثورة أو تلك.. فكهذا هي الثورة اليمنية «سبتمبر 26م- أكتوبر 36م» لها أهداف معلنة وغير معلنة. من أبرز الأهداف غير المعلنة للثورة اليمنية محاكمة الماضي، ماضي الحكم الإمامي الكهنوتي المتخلف الذي عمل على تأخير اليمن مئات السنين في مواكبة التقدم وعمد في حكمه إلى عزل الشعب والوطن عن العالم وحاول بالقوة والطغيان أن يحجب ضوء الشمس عن شعب خلق ليعانق الشمس في رابعة النهار، كان ماضياً أسود شوه الصورة الحضارية المشرقة للسعيدة أرض التاريخ المدون بأنصع الصفحات. من قراءتي لمانشرته وتواصل نشره صحيفة«الجمهورية» من حلقات للدكتور أحمد عبيد بن دغر بعنوان«اليمن تحت حكم الإمام أحمد 8491-2691» أدركت حجم وبشاعة المعاناة التي عاشها شعبنا إبان حكم أسرة حميد الدين، كيف كانت اليمن تتنفس؟! الأوضاع الصحية والتعليمية والحريات والأوضاع الأمنية كيف كانت في هذه الحقبة، أي الأوضاع التي ولدت الرغبة التي تحولت إلى إرادة إلى ثورة أو كما قال أبو الأحرار: يوم من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا من هنا فإن محاكمة الثورة لهذا الماضي ظلت منذ اليوم الأول لها هدفاً رئيسياً غير معلناً لكنه يتجلى أمام أعيننا كل يوم في حقائق المنجزات التي تسابق الزمن وتعيد العربة خلف الحصان. وأما في جنوب الوطن فكانت ثورة 41 أكتوبر 3691م محاكمة ليس فقط ضد الوجود الاستعماري البريطاني، بل استمرت المحاكمة حتى بعد جلاء المستعمر في الثلاثين من نوفمبر 7691م، محاكمة كانت نتائجها كل أربع سنوات قتالاً بين الرفاق وغياب أسماء كانت قبل المحاكمة رموزاً قيادية .. محاكمات ثورية حتى جاءت الوحدة المباركة في الثاني والعشرين من مايو 0991م التي أعادت الوجه المشرق لليمن، فجعلت محاكمة الثورة للنظام الإمامي والعهد التشطيري محاكمة للتخلف والثقافة التشطيرية التي مازال البعض ممن علقوا يوماً في جسد الثورة وفقدوا مصالحهم بتحقيق الوحدة يقرؤونها اليوم .. الوحدة جعلت الماضي الذي يتجدد مع تقدم الأيام والسنين أمام محاكمة الثورة. من نافل القول إن محاكمة الماضي تجسد مصداقية قيام الثورة وأحقية بقائها وديموميتها لذلك نجد اليوم ممن يدعون إلى عودة النظام الإمامي من خلال التمرد وإشاعة الفتنة الدينية بين الناس مما يعني أن الثورة اليمنية قد أفرزت أجيالاً تبني بيد وتحاكم الماضي بيد أخرى.. محاكمات ليست في قاعات بل من خلال بناء المزيد من المنجزات وتثبيت حالة الأمن والاستقرار وتوفير الفرص الاستثمارية أمام من يدرك أن اليمن أرض حبلى بالعطاء ولديها إمكانيات استثمارية مضمونة. إن ستة وأربعين عاماً وقائداً تحمّل على نفسه وفي سنوات قيادته الحكيمة الممتدة قرابة ثلاثة عقود تحقيق أهداف الثورة المعلنة ويقف مع الشعب والقوى الوطنية المخلصة للوطن والوحدة والديمقراطية في تحقيق الأهداف غير المعلنة بهدف القضاء على التخلف والجهل والتعصب والعودة إلى عهود الظلم والاستبداد.