مع الثورة العلمية والتقنية التي يشهدها العالم اليوم جاء التطور السريع في وسائل الإعلام المتعددة «المقروءة والمرئية والمسموعة» لمواكبة المتغيرات والمستجدات العالمية المتسارعة. إذ أصبح الإعلام أداة خطيرة لا يكاد يخفى تأثيره في أوساط الناس بمختلف فئاتهم ومشاربهم، فهو مرآة للمجتمع حيث يتطلع أبناؤه أن يكون انعكاساً لمتطلباتهم الضرورية، وباتت الوسيلة الإعلامية تمثل قوة كبرى في بناء وتطور المجتمعات البشرية حتماً. إن وسائل الإعلام المختلفة تحمل رسالة سامية بما تقدمه من خدمات إنسانية جليلة، فالإعلام مهنة ذات رسالة يخدم قطاعات المجتمع المختلفة ويعمل على شخذ الهمم وتجميع الصفوف والإسهام في حل الأزمات من خلال إلقاء الضوء عليها وتكوين الرأي العام المستنير إزاء قضايا المجتمع الهامة وعرض الآراء المتعددة، وهنا يبرز دوره في عملية التنمية والإصلاح، كما إن للإعلام دوراً في تقويم السلوكيات وتشكيل فكر الناس بالذات البسطاء منهم والتعبير عن رغبات الشعوب، وتطلعاتهم ومقاومة كل ألوان الفساد والانحراف والانحلال ويسهم في ترسيخ دعائم القوة والتوحيد في قلوب أبناء الوطن الواحد، إذاً فالإعلام يؤثر على المجتمع عقلياً وعاطفياً وسلوكياً. إن الوسائل الإعلامية متنفس لحرية الرأي والتعبير عن النهج؛ إذ تستقطب جميع القوى والأحزاب على خيار التفاوض والجلوس على طاولة الحوار السياسي وتوثق الصلة بين المسئول والرعية، ومن الناحية الاجتماعية تؤدي الرسالة الإعلامية دورها في تعزيز القيم الأصيلة داخل المجتمع وتساعد على خلق قيم جديدة لإحداث نقلة نوعية من شأنها دفع عجلة التنمية وتحديد النمط الحضاري الذي سيسير عليه المجتمع ، إضافة إلى كون الإعلان مصدراً في الحفاظ على الإرث الحضاري والتاريخي والثقافي للأجيال المتعاقبة، ويتجلى الدور الأكبر للإعلام باعتباره شريكاً في المؤسسات التعليمية في مجالي التوعية والتوجيه، وتربية الطلاب تربية إعلامية تقودهم إلى التلقي الواعي والناقد وبناء أحكام مستقلة، كذلك تتضح وظيفة الإعلام في خدمة المجتمع من خلال ما يلعبه من دور في نقل ما يحدث في العالم الخارجي من تطورات وخبرات وتجارب؛ إذ يستطيع الأفراد اكتساب تلك المهارات عبر التواصل، إضافة إلى تمكنهم من الاطلاع على كل ما يعنيهم في مجالات اهتماماتهم المختلفة. الإعلام ساحة كبرى يلتقي فيها جميع أبناء الوطن، ولكن تكمن الأخطاء التي ترتكبها وسائل الإعلام المتعددة في تأدية رسالتها الإعلامية في النظرة التقليدية إلى الجمهور المتلقي باعتباره مستهلكاً وليس مشاركاً في صنع السياسات الإعلامية بما لا يحقق لديهم الشعور الإيجابي بالمشاركة في الحياة العامة ويحرمهم من طرح وجهات نظرهم المتباينة ويتشاركون في هم واحد هو البناء والنهضة، وجاءت تلك النظرة وفقاً لطغيان الثقافة الاستهلاكية التي يمارسها الغرب، وامتدت تلك الهيمنة إلى تبعية وسائل الإعلام العربية وأثرت بمستوى ما تقدمه من مواد للجمهور المتلقي ومدى توافقها وملاءمتها لأوضاع وظروف بلداننا. وأخيراً احتراماً لقدسية الرسالة الإعلامية ينبغي على العاملين في هذا المجال أن يرتقوا عن النظر إلى المردود المادي، مدركين حجم المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقهم ومدى تأثيرهم وإيصال أهدافهم إلى الناس وإحداث تغيير في واقع مجتمعهم وتقوية ركائزه والعمل على الارتقاء بمستوى الفكر ونشر الوعي داخل أوطانهم والمحافظة على الثوابت وخدمة الأهداف الوطنية وتوطيد أواصر اللحمة والوحدة، والإعلامي تقاس نسبة نجاحه وفشله بما يشكله من قوة مؤثرة فعالة في تقديم صورة موضوعية عن الواقع والتعبير عن أولويات المجتمع والتعريف بمشكلاته واحتياجاته التنموية والمساعدة في الوصول إلى الطريق الصحيح. hanan 800@ hotmail.com