التدابير المحكومة بمنظومة الاتفاقيتين النقدية والتجارية (بريتن وودس - الجات) ، وكذا مؤسستي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتنمية توازتا مع رؤية مُغايرة تبناها الاتحاد السوفيتي السابق ودول المنظومة الاشتراكية الذين شكلوا بمجملهم تحدياً أساسياً لتعميم نظرات ومنطلقات الاقتصاد الرأسمالي، واستمر هذا الحال طوال سنوات الحرب الباردة، حيث تاقت دول التحالف الشرقي إلى سوق داخلية بينية متواشجة، ورؤية مُغايرة لنظام إصدار العملة، وفلسفة اقتصادية داخلية اتّسمت بدرجه كبيرة من الجمود والمركزية، الأمر الذي جعل الآليات الرأسمالية للاقتصاد الحر أكثر حيوية وقدرة على حسم الأمور لصالحها. لم تعترف الأدبيات الاقتصادية الاشتراكية بقوانين العرض والطلب، واعتبرت الدولة هي المعنية بالإشراف التام والتفصيلي على النشاط الاقتصادي، ولأن آلة الدولة بطبيعتها أقل حيوية وتجدداً من مبادرات القطاع الخاص وتوقه المتوثب للنمو، فقد وجدت الدولة السوفيتية نفسها مُكبلة بسلسلة من الأنظمة الورقية البيروقراطية المشفوعة بالدوغما الأيديولوجية والاتهامات المتبادلة، وهكذا كان الحال في دول المعسكر الاشتراكي، وبهذه الحقيقة المادية الفجة تم إسقاط الحلم الاشتراكي من قبل دعاة الاشتراكية أنفسهم، وهكذا تم تقييم شهادة زور تاريخية لصالح الوحشية الرأسمالية المُغلفة بأوراق السلوفان المبهرة. لقد كانت السياسات الاقتصادية العقيمة لدول المنظومة الاشتراكية سبباً جوهرياً في انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، مما فتح الباب لتجدد فكرة اقتصاد السوق المفتوح، والتنافس، وكسر الاحتكار، والاعتداد بدور الدولة كضامن للمعيارية النقدية والمالية، وغيره من متكآت استند عليها دوماً نظام اقتصاد السوق الحر. هذه المرة كان لابد أن تشمل الفكرة كل العالم، وهذا ما جرى ويجري بانتظام صاعد