ملائكة الرحمة » لقب يطلق على الأطباء والممرضين؛ نظراً لما يقدمونه من خدمات إنسانية جليلة غاية في الأهمية للبشرية، إذ جعلهم الله تعالى سبباً في شفاء المرضى، وجعل أياديهم البيضاء فيها الحنان والرحمة، لتضميد الجراح، والتخفيف من الآلام والأوجاع. وهم بمهنتهم هذه يحملون أمانة عظيمة تتطلب منهم أن يؤدوها حق أدائها ويبذلوا كل ما في وسعهم لتقديم أفضل سبل الرعاية الصحية للمرضى سواء داخل المستشفيات أو خارجها، فما أحسن أن تكون مَلاكاً وفي نفس الوقت بداخلك الرحمة. في واقعنا للأسف لم يعد هناك إلا القليلون من الأطباء الذين هم فعلاً «ملائكة للرحمة»، أما البقية فلم يعد لهم علاقة بهذه المهنة الإنسانية النبيلة بعد أن حولوا الطب إلى تجارة وأصبحوا تجاراً لا مكان في قلوبهم للرحمة ويفتقدون للمشاعر الإنسانية في تعاملهم مع مرضاهم، فينظرون إليهم بوصفهم زبائن وليسوا بشراً، مرضى أجبرهم المرض إلى اللجوء إليهم لعل وعسى يخففون عنهم آلامهم ويداوون أسقامهم فإذا بهم وبدلاً من أن يعملوا على تخفيف آلامهم، يستعذبون إيلام مرضاهم، لا يفكرون سوى بمنطق الربح والخسارة وما سيستفيدونه منهم، في هكذا حالات هل يستحق مثل هؤلاء الأطباء المتجردين من إنسانيتهم وأمانتهم المهنية أن يظلوا تحت خانة من نطلق عليهم «ملائكة الرحمة» ؟! الطب شأنه شأن العلوم الأخرى يشهد تطورات شبه يومية، سواء في الأساليب التشخيصية أو العلاجية، لمواجهة الأمراض التي هي أيضاً تتطور إلا أن ما نجده هو أن أغلب الأطباء في بلادنا لا يعيرون أي اهتمام لضرورة تطوير معارفهم فيعالجون مرضاهم وفقاً لما كان سائداً قبل (15) أو (20) عاماً، أي وفقاً للمعلومات والمعارف التي تلقوها تلك الأيام، وهو ما يفسر الأخطاء التي يقع فيها معظم أطبائنا الأفاضل سواء في تشخيص الأمراض أو عدم نجاح وفاعلية ما يقررونه من أدوية وطرق علاجية عفا عليها الزمن. ومع هذا الوضع المأساوي الذي نلاحظه ونلمسه في أغلب مستشفياتنا ومرافقنا الصحية العامة والخاصة بلا استثناء، إلا أننا نجد هنا أو هناك بعض النماذج التي تؤكد أن «الدنيا لا تزال بخير»، وهؤلاء النماذج هم الأطباء الذين يحترمون أنفسهم ويقدسون المهنة الإنسانية السامية والنبيلة التي حُمّلوا أمانة أدائها،إذ تجدهم يتابعون ويطورون معلوماتهم ومعارفهم بالجديد والمفيد في الطب من أجل أداء دورهم داخل المجتمع على أكمل وجه، إضافة إلى أنهم لا يزالون يحملون في قلوبهم الرحمة وهو ما يؤكده تعاملهم الإنساني الراقي مع المرضى، فها هي الممرضة «أم عمار» تنقذ أسرة من براثن أحد الأطباء بعد أن أصر على إجراء عملية ولادة قيصرية لإحدى المريضات فور معاينته لها تحت مبرر صعوبة إجراء عملية توليد طبيعية وخطورة الحالة على المريضة التي يجب أن تخضع لعملية جراحية عاجلة أعلن أن كلفتها حوالي (45000) خمسة وأربعين ألف ريال تدفع على الفور، فما كان من «أم عمار» إلا أن استحضرت كل خبراتها ومهاراتها وأجرت عملية توليد عادية لتثبت أن التعامل الإنساني مع المرضى وعدم استغلال حاجتهم هو السلوك الذي يجب أن يكون السمة المميزة للأطباء بوصفهم « ملائكة الرحمة». ترى بماذا يشعر الطبيب عندما يترك مريضاً فريسة لآلامه وأوجاعه ولا يحرك ساكناً، بل ويقابله بلا مبالاة؟ ألا يدرك أنه أقسم قبل مزاولته المهنة أن يقدم كل ما في وسعه لمداواة المرضى وعدم إيذائهم بأي شكل من الأشكال؟ ألا يعرف أن ما يقوم به من إهمال ولا مبالاة تجاه المرضى هو بمثابة القتل العمد؟ «ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه وأعد له عذاباً أليماً »، فيا معشر الأطباء « ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». [email protected]