كثيرون من اليمنيين أصبحوا يفكرون في العودة إلى الريف، فالمدينة أصبحت لا تطاق، لأنها وطن اغتراب، فالمسكن ليس ملكاً وإنما هو بالإيجار، والرغيف بفلوس والماء بفلوس والكسل والخمول الذي تسببانه المدينة ينتجان المرض الذي يحتاج فلوساً للعلاج. بينما في القرية يملك الإنسان الطبيعة النظيفة، والخضرة الجميلة وما بقي من الأخلاق التي لم تزل على الفطرة عند بعضهم وإن كانت القرية قد تلوثت بفعل الحضارة واللف والدوران؛ فإن هذا التلوث قابل للإزالة والمحو. ونحن في القرية نحتاج إلى قناعة أولاً بأن العودة إلى الأرض تحتاج محبة لهذه الأرض، وهو حب تفرضه الحاجة ويفرضه الواقع الذي أصبح لا يطيقه كثيرون من الناس. إن الأرض بحاجة إلى حب ومودة، هذا الحب يحتاج شيئاً من الصبر لمصالحة الأرض والتنقيب عن الزرع في باطن التربة وبقية الخيرات. وإذا كان هذا الجيل قد نسي الفلاحة وذكر مرتبات الدولة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فإن الآباء قادرون أن يعلموا أولادهم الأسرار والمفاتيح التي يفتحون بها هذا الكنز الكبير الكريم، الذي يعطي بسخاء ودون إذلال وملفات وشهادات وصور وبطاقات شخصية ورشوة لا نملكها. وعجبت أن إقبال الفتيات على كلية الزراعة أكثر من إقبال الفتيان، فهذه بشارة خير تدل على أن العلم سيوجه الفلاحة لاستخراج خيرات أكثر من باطن أمنا الأرض التي منها جئنا وإليها سوف نعود في خير إن شاء الله!!. إن أرض اليمن تكاد تكون بوراً، وأحسن طريقة تصنعها الحكومة تجاه أبناء اليمن هي تحريم الوظائف بإلغاء عدة وزارات لا داعي لها، وإرجاع عشرات الألوف من الشباب والشيوخ إلى قراهم بعد دراسة حالاتهم. فمن يملك أرضاً ينبغي أن تعود أسرته إلى القرية، ويستمر راتبه حتى تبدأ أرضه بالإنتاج الزراعي، وعلى الدولة أن تقدم البذور والإرشادات والتوعية والإعلام الفلاحي المفيد. وعلى النساء أولاً أن يعرفن أن الفلاحة بالمساعدة العلمية هي الرفاه والتحضر والجمال، فالمدينة أورثتهن الخمول والكسل والمساحيق التي شوهت جمالهن والفشل الكلوي والأمراض الأخرى التي ترسلهن وأخواتهن إلى القبور.