خلال الإجازات العيدية تشهد وسائل النقل الرابطة بين المدن والمحافظات على اختلاف أنواعها ومسمياتها نشاطاً مكثفاً لتلبية الزيادة في طلبات المسافرين الراغبين بقضاء إجازة العيد في مناطقهم وقراهم بين أهليهم وذويهم. ومن هذه الوسائل التي تعد الأكثر استخداماً في نقل المسافرين سيارات الأجرة (البيجوت) المتواجدة في محطات نقل المسافرين (الفرزات) الرابطة بين المحافظات والمدن، وهو الأمر الذي يتطلب أن تكون هذه المركبات سليمة وتتحقق فيها كافة شروط السلامة المرورية وصالحة للاستخدام على الخطوط الطويلة حفاظاً على أرواح المسافرين. لكن ما نجده أن أغلب هذه المركبات مهترئة وأشبه بالخردة ولا تصلح بأي حال من الأحوال لنقل المسافرين حيث يتم استخدامها حتى آخر ثانية من عمرها الافتراضي بل تُستغل حتى سنوات لاحقة لعمرها الافتراضي ولا يتركها أصحابها إلا ببلوغ أحد الأجلين (إما عدم قدرتها للسير أو تعرضها لحادث قاتل) في ظل غياب الإجراءات التي تنظم هذه المسألة وتمنع أي تجاوز أو إهمال للسلامة المرورية. الحملة التي نفذتها إدارة مرور تعز قبل أيام واستهدفت فيها محطات (فرزات) نقل المسافرين بين تعز وبقية المحافظات وتمثلت بإجراء فحص فني للمركبات العاملة في نقل المسافرين للتأكد من توفر شروط السلامة فيها ومدى صلاحياتها للاستخدام على الخطوط الطويلة، هذه الحملة لا شك بأنها تعد خطوة جيدة تعكس الاهتمام بالحفاظ على سلامة وأرواح المسافرين، إلا أن ما نعلقه على هذه الحملة أن من نتائج فحصها للمركبات العاملة في فرزة تعزصنعاء أثبت أن نحو 25 % من السيارات الموجودة في هذه الفرزة تفتقر لإجراءات السلامة المرورية، أي بمعنى آخر لا تصلح للاستخدام على الخطوط الطويلة نظراً للأخطار التي قد تنجم عنها، ولكن الحقيقة أن هذه النسبة لا تعكس ما هو موجود على الواقع حيث إن أغلب السيارات تكاد تكون خارج نطاق الخدمة، والجميع يدرك هذه الحقيقة ومن لا يزال في قلبه ريب أو شك فليذهب إلى الفرزة وسيرى بأم عينيه أن أغلب مركبات الفرزة المستخدمة في نقل المسافرين ليست إلا بقايا مركبات بعد أن «أكل الدهر عليها وشرب» ومع ذلك لا تزال تستخدم في نقل المسافرين دون حسيب أو رقيب، وكم يا حوادث تقع بسبب هذه المركبات والإهمال واللامبالاة في الالتزام بشروط السلامة المرورية. وإذا سلمنا جدلاً بصحة هذه النسبة من السيارات التالفة، فيا ترى هل سيتم استبعاد هذه المركبات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استخدامها، وتثبت معها الجهات المعنية أنها لا تزال مهتمة بالحفاظ على أرواح المواطنين، أم أن الأمر سيسير وفق العادة كما يحدث في كل عام «والحافظ الله». صحيح أن هذه السيارات قد تكون مصدر الرزق الوحيد لأصحابها وإجراء مثل هذا قد يقود إلى قطع أرزاقهم، ولكن ما ذنب المواطن البريء الذي يذهب ضحية للإهمال واللامبالاة، وأي رزق يأتي على حساب أرواح الأبرياء التي حرم الله إزهاقها إلا بالحق، ولماذا نتعامل مع أرواح البشر بهذا الاستخفاف ونرخص قيمتها إلى هذا الحد، وبالتالي فإن ما نتمناه هو أن يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف العبث وإيقاف النزيف الحاصل في أرواح البشر جراء الحوادث المرورية التي تحصد كل عام الكثير من القتلى والمصابين بعاهات مستديمة، وأغلب هذه الحوادث تقع خلال إجازتي عيدي الفطر والأضحى المباركين. [email protected]