لم تكن مطالب الحكومة الهندية لحكومات دول الخليج بتجنيس العمالة الهندية أمراً مفاجئاً، فالجميع كان يتحسب لمثل هذه المطالب ويشعر أن هذه المطالب ستأتي ذات يوم عاجلاً أم آجلاً.. وقد رأى الهنود أن هذا هو الوقت المناسب لإعلان هذه المطالب بعد أن أغرقت دول الخليج بمواطنيها ذوي الرواتب الزهيدة، الذين فضّل الإخوة في دول الخليج استخدامهم واستقدامهم عوضاً عن أشقائهم العرب من أبناء جلدتهم!!. وربما لن يصدق أحد جدية المطالب الهندية لو لم تكن هذه المعلومات صادرة عن وزير العمل البحريني الدكتور مجيد العلوي الذي أفصح عنها في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة «الخليج» الإماراتية منذ نحو أسبوع. وكشف فيها قلقاً خليجياً من المطالب الهندية التي طرحها بشكل صريح المندوب الهندي في حوار المنامة الذي احتضنته البحرين مؤخراً والذي أكد فيها مطالبته بتجنيس العمالة الهندية في دول الخليج ومنحها حقوقاً سياسية وعدم تحديد مدة لبقائها في الخليج باعتبارها عمالة مهاجرة لا عمالة وافدة. ويؤكد الوزير البحريني أنه كان من ضمن الرافضين لمطالب المندوب الهندي التي طرحها في جلسة مغلقة بعيدة عن الإعلام في اليوم الأول من بدء فعالية حوار المنامة وتحديداً خلال منتدى العمالة والأمن، والذي قال إن المندوب الهندي كان يطرح مطالبات رئيس الوزراء في بلاده؛ داعياً إلى منح حقوق لعمالتها. واعتبر الدكتور العلوي أن من شأن الموافقة على هذه المطالب أن تقود منطقة الخليج إلى كارثة تضرب هويتها الثقافية وتركيبتها المجتمعية. وبالطبع فإن مثل هذا الاستنتاج ليس جديداً، فقد سبقته تحذيرات من واقع دراسات ميدانية أشارت كلها إلى أن جنوح الإخوة في دول الخليج للاستعانة بمواطني شرقي آسيا وخاصة الهند وبنغلاديش وسيرلانكا والفلبين وغيرها وعزوفهم عن استقبال المواطن العربي سيقود إلى الوضع الذي تعيشه معظم دول الخليج اليوم، لدرجة أنك إذا سرت في شوارع بعض هذه الدول فإنك لن تشعر أنك تسير في مدينة عربية؛ بل في مدينة شرق آسيوية!!. من هنا فإن المخاوف التي يطرحها الكثيرون من المسؤولين الخليجيين تبدو منطقية قياساً بالتحركات الهندية الأخيرة، خاصة إذا ما عرفنا أن نسبة الهنود المتواجدين في دول الخليج يشكلون ما نسبته 85% من العمالة الأجنبية في هذه الدول. وإذا كان هناك نحو مليوني بنغالي فقط يتواجدون في المملكة العربية السعودية لوحدها؛ فليتصور الإنسان كم سيكون عدد الهنود في بقية دول الخليج؟!. على الإخوة في دول الخليج أن لا يهربوا إلى الأمام، بل عليهم مواجهة الأمر بكثير من الحكمة، فالعودة إلى المحيط العربي أفضل من الاستمرار في الخطأ الذي تسير عليه سياساتهم القاضية بالاستغناء عن أبناء جلدتهم الذين يعانون الأمرّين في بلدانهم وجلبهم للعمل في أراضيهم مع وضع ضوابط تحدد فترة بقائهم والمهن المطلوبين للعمل فيها.