الإسراف في الطعام هو مايزيد عن حاجة البطون فلا يجدون له مكاناً مناسباً غير أكياس القمامة.. والاسراف في الملبس هو ماينفق لشراء ملابس غير لائقة ولامحتشمة..تضيق أو تتسع في أماكن من أجساد الفتيات ليس بحسب الحاجة ولا الضرورة وإنما هو اختيار عشوائي لايراعى فيه الذوق المحلي ولا الهوية ولا الشخصية الذاتية للأمة أو هو اختيار مقصود لذاته انسجاماً مع آخر صيحات الموضة الغربية.. بمعنى آخر هو تقليد مفرط للآخر الذي يختلف عنا تاريخاً وهوية وشخصية ولأن هذا الآخر يقيم صالات عرض أزياء في بلدانهم ثقة منهم أن رجالنا ونساءنا من أمة العرب والمسلمين سوف يهرعون إلى صالات عرض الأزياء زرافات ووحدانا ليس فقط لأن العرب بصفة خاصة يعانون من مشاعر مركب النقص في تربيتهم وتعليمهم وثقافاتهم الأمر الذي جعلهم يندفعون بقوة للانبهار بكل مايمثله الأوروبيون من قدرة فائقة على إظهار الزيف والزخرفة كما لو كان ذلك جزءاً هاماً من مقومات الحياة وضرورياتها ولوازمها. وإنما لأن أمة العرب في كثير من أحوالهم صاروا ينظرون إلى النموذج الغربي بأنه يعني الجودة والتفوق وماعداه فإنه يمثل الدونية والركاكة ولانعلم لماذا لاينبهر العرب والمسلمون بالنموذج الياباني كمنافس في الجودة للنموذج الغربي كما أن هناك سنغافورة وماليزيا ودول آسيوية أخذت تصعد بلا كلل أو ملل في معارج الجودة والتفوق، فلا تجد من الانبهار عند العرب مايجده الغربيون فيما ينتجونه من ملابس وأحذية وأزياء نسائية..صار الكثيرون من العرب يؤمون صالات عروض الأزياء ليس لمجرد المشاهدة والفضول وإنما ليتنافسوا في شراء أزياء باهظة التكاليف يكتشفون فيما بعد، أنها على نسائهم أقل هيبة وجاذبية وإغراء..وأنها مجرد خرق من أقمشة زاهية تكتنفها زوائد وأشرطة تشبه زعانف السمك أو ريش الدجاج وزوائد أخرى مهلهلة تشبه ضفائر شعور الافريقيات وأخرى تشبه ملابس المتسولين المرقعة، يكتشفون أن أنظارهم في الأساس كانت مصوبة نحو أجساد الغانيات عارضات الأزياء فظنوا أنهم ينظرون إلى الأزياء بينما هم في الواقع كانوا ينظرون إلى نساء متناسقات السيقان متوازنات الأرداف قد أجريت على أجسادهن تعديلات وعلى سماتهن إضافات في الرموش ومساحيق العيون وترقيق الحواجب، وتلميع مكان الشوارب والشفاة وطلاء الأظافر فبدت لهم: كاسيات عاريات كأسنمة البخت العجاف وأما أجفانهن فنامصة.. فأخذت أجسادهن بألباب العربان وليست الأزياء المهلهلة كثيرة الشبه بأثواب المجانين أو المتسولين، فإذا ماقررت النساء والفتيات في بلادنا العربية والإسلامية ومنها بلادنا أن يرتدين هذه الملابس ليظهرن بها في الأفراح والأعراس وجدن أنه لا أجسامهن تليق لهذا النوع من الملابس غير المحتشمة ولانفسيتهن تستقر على قبولها ولاعاداتهن أو تقاليدهن قد جعلتها مألوفة لديهن فتبدو الواحدة منهن أمام نفسها كأنها «بهلوانة» وأمام الأخريات كما لو كانت لم تجد ماتستر به جسدها العاري سوى تلك الخرق المتدلية من فوق جيدها بفتائل تشبه الحبال أو تتدلى من فوق خصرها بجداول تشبه أزياء الهنود الحمر الذين يؤدون رقصاتهم البدائية مبتهجين باهتزاز الشرائط من خلفهم وعن أيمانهم وشمائلهم لاتكاد تستر شيئاً من أجسامهم إلا بالقدر الذي يواري السوأة..وقد أخذ الأوروبيون من الشعوب الأفريقية البدائية والأمريكية الجنوبية في الأدغال البعيدة طريقتهم في اللباس وقلدوهم في العري لكن الشعوب البدائية لم تكن فاسدة ولامبتذلة ولا رخيصة العرض بل كانت لهم أعراف ومبادئ وقيم صارمة تحرم الرذيلة والعلاقات غير المشروعة بين الرجل والمرأة حتى جاء الأوروبيون لينتهكوا الأعراض ويشيعوا الفاحشة ويبيحوا الزنا والمثلية ويسنوا فوضى العهر وليس هناك من قانون يحكم هذه العلاقات سوى قانون الاشتهاء المتبادل بين الرجل والمرأة فإذا لم يتأت هذا القانون فالبديل هو «الاغتصاب». هذه العقلية الأوروبية المتفلتة والغارقة في بحار ليس لها قرار من اللذات الزائفة والمتعة القلقة التي لاتثبت على حال والفساد الأخلاقي المغلف بكل ألوان صور الاغراء من النوع الذي يقتل الحياء في الإنسان ويتركه جثة هامدة بدون حياء ولا حياة كان حري بنا أن نرفضها بدلاً عن قبولها فإذا علمت المرأة العربية أو المسلمة بشكل عام واليمنية بشكل خاص أن تجارة الأزياء الممثلة في العروض التي تعرضها صالات العروض في البلاد الغربية ليست فقط لكسب المال وتحقيق أرباح هائلة وإنما هي بالدرجة الأولى لمسخ شخصية المرأة وإتلاف «فيوزها» والعبث بثقافتها وهويتها..كما صرح بذلك أحد قادة المنتجات المصنعة للسلع الاستهلاكية قائلاً:« ليس يهمنا ثقافتهم وهويتهم فنحن هنا نصنع الهوية والثقافة البديلة»!! ثم من يعلم أن الزوج الذي أعجبته الخرق فوق غانية رآها تتمخطر فوق صالة العرض فاشتراها لزوجته من يعلم أنه كان في الحقيقة يشتهي الغانية فلما رأى تلك الخرق فوق زوجته زاد تعلقه بالغانية على حساب تلك العلاقة التي كانت حميمة وهادئة ووفية بينه وبين زوجته فماذا يفيدها بعد ذلك أن تقول له:« الذي أخذ عقلك يهنأ به»؟! وماذا يفيد السيدات أو الفتيات في سن المراهقة فما فوق أن يستعرضن عريهن في الأفراح والأعراس مادامت الملابس المحتشمة تليق بأجسامهن وتجعلهن أكثر أناقة وهيبة وكبرياء وأكثر توازناً واحتراماً للذات خصوصاً ونحن نعلم أن الذين يتقدمون لخطبة فتاة لايميلون إلى تلك التي تكشف مفاتنها أمام الجميع حتى وإن كن من النساء.