تسمية ذات النطاقين أطلقها الرسول الكريم محمد «صلى الله عليه وسلم»، وكانت التسمية مقرونة بلحظة حرجة من تاريخ الدعوة الإسلامية، وهي اللحظة التي قرر فيها النبي محمد «صلى الله عليه وسلم» الهجرة إلى يثرب وبرفقته أبوبكر الصديق رضي الله عنه. يومها لم يجد الصديق حبلاً يُثبّت فيه الأحمال على الناقة، فما كان من أمر أسماء بنت أبي بكر ابنته إلا أن تخلع نطاقها وتشقه نصفين وتربط به الأحمال، وهنا أطلق النبي «صلى الله عليه وسلم» عليها ذات النطاقين . أسماء ابنة أبي بكر الصديق وأخت عائشة زوجة النبي «صلى الله عليه وسلم» وشقيقة عبدالله الذي كان يكبرها ببضع سنين، كما أنها زوجة الصحابي الجليل «الزبير بن العوام» أحد العشرة المبشرين بالجنة، وله أنجبت عبدالله وعروة والمنذر وعاصم والمهاجر وخديجة وأم الحسين وعائشة . كانت أسماء من الصحابة الأوائل، قد اعتبرها المؤرخون المُسلمة الثامنة عشرة وهي لم تزل في الرابعة عشرة من عمرها، ولقد تميّزت بالفصاحة والذكاء وقوة الشكيمة، كما كانت موصوفة بمعارفها الطيبة ومصانعتها في المواد المفيدة جسدياً ونفسياً، ولعل إيمانها الرشيد وحنكتها العلمية الممارسية لعبا دوراً كبيراً في توازنها الروحي والجسدي، فقد عاشت حتى بلغت المائة عام، وقال المؤرخون: إنها بلغت ذلك العمر ولم يسقط لها سن أو تُصاب بخرف في الذاكرة. خلال هجرة النبي الكريم محمد «صلى الله عليه وسلم» ورفيق دربه في الغار والسفر تحملت أسماء مهمة تاريخية صعبة، فقد كانت تزود الرسول والصديق بالغذاء والماء مُتنكبة أهوال التحرك في ظلام الليالي الدامسة، ومجابهة كل الاحتمالات الصعبة. نتذكر أسماء وأمثالها ونحن نتابع يومياً محنة الأشقاء في غزة، وكامل الأهوال التي تنتصب أمام الأمهات الفلسطينيات، ونرى كيف ينخلع الشر المستطير من تضاريس الظلام والكراهية والغرور، كما نتذكر هذه السير ونحن نتابع حال العرب الذي بلغ من الوهن والركاكة حداً لايمكن التعبيرعنه بالكلمات . اليوم تقدم تركيا جواباً ناجزاً نيابة عن عرب الهوان والضعف، ولعل عمقنا الإسلامي الشامل في أرجاء المعمورة سيمثل المخرج مما نحن فيه من محنة .