نحن «طبعاً، وقطعاً» مع الحرية، لكن مع الحرية الإنسانية، وضد الحرية الحيوانية «شريعة الغاب».. وحين نقول «الحرية»، فإننا نقصد تلك الحرية التي تعود بالفائدة والمنفعة للإنسانية، لأننا نؤمن أن الحرية قيمة نبيلة، ومبدأ آدمي «إنساني» يجب ضمانها لكل إنسان، ويجب أن تعود فوائدها ومنافعها لكل الناس. وعليه فإن الحرية الحقيقية لكل إنسان في حدود عدم الإضرار أو الاعتداء «المباشر، وغير المباشر» على الآخرين.. وسواء كانت هذه الحرية «سياسية أم اجتماعية أم اقتصادية أو فكرية»، فلابد أن تكون في حدود عدم الإضرار بالآخرين، سواء كان الآخرون أفراداً أو جماعات «فرد، أم مجتمع، حاكم أم محكوم، منتج أم مستهلك، كاتب أم مفكر، أم قارئ ومثقف».. فالحرية للجميع دون ضرر أو إضرار، ودون أن تطغى حرية هذا على حرية ذاك.. أي أن حرية أي شخص حق له مادام حقه لا يتعدى في الحرية إلى انتهاك حقوق وحريات الآخرين.. فإن حصل وتجاوز الفرد أو أي أحد حريته، ودخل في حقوق الآخرين، فإن الحرية هنا دخلت في «الحرية الحيوانية» أو «شريعة الغاب»، حيث القوي يأكل الضعيف، والكبير يسحق الصغير.. أو كما يقال: كالسمك في البحر كبيره يلتهم صغيره..! وعليه فإن «الحرية الغربية» أو بلفظ وعبارة أدق «الحرية الرأسمالية» لاتمت بصلة إلى الحرية الإنسانية، لأن القوى الاقتصادية «أفراد وشركات» مسموح لها وفق ذلك منافسة القوى الاقتصادية الأضعف والأصغر، والتهامها والاستحواذ عليها.. هذه القوى الاقتصادية الكبيرة بعد التهام المتوسط والصغير تبدأ تتوحش، فتعمل بقوتها الاقتصادية والمالية للاستحواذ على الدولة وتحويلها إلى مؤسسة من مؤسساتهم «موظفة لديهم»، تنفذ سياسات تخدم أطماع هذه القوى، كما تعمل أيضاً بعد احتكارها للاقتصاد والدولة على احتكار واستغلال وظلم وابتزاز المجتمع ليصبح ضمن ممتلكاتها، أو تحت استعبادها.. فتسرق موارده وعمله، ومواطنته، وحريته. وهكذا أصبحت الحكومات في «النظام الغربي»، وأصبحت الشعوب ضحية الحرية «الحيوانية»، عبيداً للشركات الاحتكارية الكبرى، وفلسفاتها وأفكارها المتوحشة والطامعة في استعباد وابتزاز العالم موارد وشعوباً، تحت ما يسمى عولمة «الحرية الاقتصادية والفكرية والثقافية».. أي استعباد العالم «سياسات واقتصاديات ومجتمعات»، تحت ما يسمى «النظام العالمي الجديد» الديمقراطي والحر، واستخدمت الترغيب والترهيب والتآمر والغزو والاحتلال لتعميم نظامها قهراً وغصباً.. فأي ديمقراطية، وأي حرية هذه التي تقول بفرض نظام واحد على العالم لا ترغبه الشعوب ولا حكوماتها..؟! إنها «الحرية الحيوانية» وليس «الحرية الإنسانية»..!