لم أكن متصوراً إنني سأقع على كنز معرفي وتربوي ثري ومتنوع وأنا أدلف إلى عوالم الجيل الرائد في تاريخ التربية والتعليم بمحافظة حضرموت، ومنهم الأساتذة الكبار: أحمد عوض القحوم ، الشيخ عمر محمد بن سهيلان، وسعيد يسلم الرباكي، وعلي محفوظ حورة، وأحمد سعيد باحبارة، ومحمد عبدالله باشراحيل، وعبدالمجيد عبدالله بن هرهرة، وعلي عبدالشيخ، والبريدي المتقاعد سعيد سالم بوسبعة، عوض سالم بوعسكر، والدكتور عمر بارحيم ، والدكتور محمد عبدالله بن ثعلب رئيس الجمعية المساندة للتربية والصحة بحضرموت، ولكن، يبدو أن حظي الطيب هو الذي وضعني بينهم، متحدثاً إعلامياً عن جمعيتهم التي أسسوها يوم أن آذنت سنوات عملهم في سلك التربية والتعليم بالرحيل، بعد مشوار امتد لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً لجلّهم، كوكبة من العقول المعرفية الموسوعية التي كانت تملأ العمل التربوي بشقيه الميداني والإداري بكفاءة ومهنية ونبلِ رسالةٍ عالية الحضور والنبوغ والخلق القويم. وجوه تكسوها – اليوم – الهيبة والوقار وتتوشح بالإيثار والعزة والصبر على الحال، وأنت بينهم لا تجد شكوى من مآل اليوم وأحوال الحياة الصعبة، على الرغم من معاناتهم المعيشية بسبب قانون التقاعد الذي كان لهم قاصمة ظهر بعد مشوار العمر في عطاء لا نظير له ولا ثمن يضاهيه، لا تتفوّه ألسنتهم بمعاناتهم اليومية، وإنما تشعر بالزهو والفخار وهم يحاولون - بصعوبة- أن يواصلوا سيرة العطاء والنبل والإيثار، خدمة لقطاعي التربية والصحة، التي من أجلهما كانت الجمعية المساندة لهذين القطاعين المهمين في حياة الوطن والمواطن. لا تستطيع وأنت في صباحية الاثنين التي جعلوا منها حلقة نقاش دائمة من كل أسبوع منذ كانت ملتقى في يومي الأحد والأربعاء في منزل التربوي القدير الراحل صالح عبدالله اليماني، حتى رحيله - يرحمه الله - في أواخر عام 2003م، طرح فيه الشيخ عمر محمد بن سهيلان فكرة قيام جمعية تقدم خدمة مجانية لهذين القطاعين في المجتمع في العام 1997م، ومازال همها الدائم وبحثها الحثيث هو كيف السبيل إلى المشاركة الفاعلة لخدمتهما؟ فتلقفها الجميع وعمل على بلورتها حقيقة جلية، وبقي الملتقى قائماً في منزل الراحل اليماني إثر عجزه عن الحركة وفاء لصداقة عمر تربوي وتعليمي لم تنقطع يوماً حتى رحيله، لتغدو صباحية الاثنين ملتقى جديداً مفتوحاً على مشكلات التربية والصحة في حضرموت ساحلها وواديها، ولم تزل هذه الكواكب النيرة قادرة على تقديم خبراتها ومعارفها دون منٍّ أو غضاضة، لا ترغب في شيء قدر الذهاب إليها أو دعوتها لتكن الاستجابة السريعة من قبلها دون تحفظ أو تردد، فما أجمل الجلوس في حضرة التاريخ وهو يوشوش حاضر اليوم ليسمع المستقبل ، كما قالها أستاذي العزيز الراحل علي عبدالله البيتي ، طيّب الله ثراه!! فسلام عليكم أعزائي الروّاد الكبار، وكفى.