هذه السلع المستوردة التي تتكدس في أسواقنا على مساحات مترامية الأطراف.. ماذا لو كنا نحن الذين نصنعها..؟ كم يكلفنا إعداد الشباب وتأهيلهم لكي يكونوا صناعاً وأصحاب مهارات في صناعات النسيج وصناعة الأحذية ولعب الأطفال والسيارات؟ ولماذا يقتصر نشاط المستثمرين والتجار في زياراتهم للصين وهونج كونج وتايلاند وكوريا وغيرها من البلاد الآسيوية على استيراد ملابس الأطفال والنساء مثل الجرامات والجونيلات والبلوزات وغيرها من هذه المسميات ولا نجد في سفريات هؤلاء النشطاء في الاستيراد من يعود إلينا يحمل اقتراحاً مبدعاً أو فكرة مبدعة عن قدرة أولئك الناس على تأهيل الشباب وإعدادهم؟ كيف يقيمون معامل ومحالج ومصانع فوق السطوح وتحت الأرض بأقل تكاليف وأكثر إنتاجاً وجودة متصاعدة؟!. إنهم هناك في الصين وفي كثير من الشعوب الآسيوية يصنعون ما نلبس ونحتذي، ويزرعون ما نأكل، وها هم اليوم يصنعون أيضاً ما نركب، ولا يعلم إلا الله ماذا يصنعون غداً من أجلنا. فيما لا يعلم إلا الله كيف ستواجه أجيالنا أيامهم المستقبلية في ظل ركود للعقل العربي المعتقل في إسار الغفلة واللامبالاة. ونحن اليوم بحاجة ملحة أن نستورد من الصين ومن بقية الشعوب الآسيوية الصديقة «الاكسير» الذي يصنعون منه رجالهم. ولأن هذه الشعوب هي شعوب صديقة؛ نشعر نحوها بقدر كبير من الود والتقدير؛ فإنه ليس يضيرنا كثيراً أن تخطف مصانعهم اللقمة من أفواه شبابنا العاطل المستسلم لليأس وتحيط به مشاعر الإحباط لتضعها «أي اللقمة» في أفواه أولئك الذين يديرون المصانع والمعامل والورش حتى وإن كانت مصانع للدراجات النارية التي لم نعد نطيق رؤيتها أو نتحمل كثرة مصائبها، أو كانت مصانع للغث والسمين من السلع التي يخطف بريقها أبصار فتياتنا وعدد غير قليل من النساء ينفقن على شراء تلك السلع المعروضة أمامهن في الأسواق ما كان مخصصاً لتغطية حاجة الأسرة للغذاء ودفع الفواتير. إنهم يصنعون، ونحن نستهلك حتى هلكنا من شدة الاستهلاك، حتى لقد صاروا يزرعون العنب ويصدرون الزبيب والبن والفاصوليا، ونحن لا نزرع سوى «الخيبة» أي نزرع القات، فلا نحصد سوى الفقر. فلا عجب أن يصاب الناس خصوصاً فئة الشباب بسوء التغذية وفقر الدم، فيترتب على ذلك ضعف الذاكرة وقلة الذكاء وعدم القدرة على التركيز في المسائل العقلية. خطوة موفقة للمجلس المحلي إزاحة القات عن المدينة لا يستحق هذه الاحتجاجات الطائشة، فالقات ليس سلعة ضرورية للحياة، بل هو على العكس من ذلك، فهو سلعة ضارة بالصحة النفسية والبدنية والعقلية. وإذا كنا نستطيع أن نوجد مبررات لهذه التظاهرات عند الجهلاء من الناس وعند البسطاء والسذج وضيقي الأفق - لأنهم لا يستطيعون الرؤية أبعد من أنوفهم - فكيف نستطيع فهم الذين يدعمون هذه التظاهرات سراً أو علانية؟!. لقد بدأ المجلس المحلي يخطو خطوات تستحق التقدير والاحترام.. فهل يستمر؟! أم نحسبه يتراجع كل يوم خطوة حتى تعود الأمور إلى سابق عهدها في اكتظاظ الأسواق ببائعي القات ومشتريه؟!. إن الواجب يقتضي أن يسند الإعلاميون الخطوات الشجاعة والإجراءات الموفقة التي أخذ المجلس المحلي يضطلع بها لإنقاذ المدينة من تجمعات بائعي القات ومشتريه؛ حتى لقد أحالوا المدينة إلى كائن مشوّه يكتنفه القبح في كل موقع من مواقع بيع القات، فضلاً عن إرباك السير وتعطيل المرور وإضافة تشوهات تسيء إلى سمعة اليمن بأسره. سيدي يا رسول الله في يوم مولدك أشرقت الأرض بنور ربها وازينت وابتهج كل شيء فيها، الجبال والبحار والشجر والحجر والطير والبهيم وصنف الحيوان، ما عدا الإنسان فقد تجهم في البداية حتى شاء الله له الهداية فاهتدى. وضل الكثيرون من أمم الأرض واهتدى منهم الكثيرون جئتنا يا سيدي يا رسول الله برسالة الحق ودعوة الاستقامة والأمانة، فلا يكون المسلم خائناً ولا كذاباً أو سراقاً، ولا يكون المسلم ضعيفاً ذليلاً أو متسولاً يتكفف الناس، يتذلل ويتخشع ويقبّل الأقدام!! جئتنا بدعوة القوة والعزة وجهاد النفس والعدو باللسان والمال والنفس والقلم، فجاء من يظن أن الجهاد طيش وحمق دون ترويض النفس وتأديبها وجهادها قبل جهاد العدو. أعطيت المرأة حقوقها ورفعت من شأنها، فجاء فريقان: أحدهما يبخسها حقها والآخر يريدها رخيصة مبتذلة تظهر مفاتنها لتسير على حل شعرها!!. معذرة يا سيدي يا رسول الله فنحن في التيه قد أضعنا كل معاني الاعتدال.