طفل بعمر الغفلة والمراهقة، ببساطة يذهب بين غمضة عين وانتباهتها، يصبح أشلاء متناثرة، وهذا إنذار يتجاوز الإعلان، يصبح وهذا ما نخشاه ظاهرة. وهذا يدل على أن الخوارج قد استطاعوا بسهولة أن يخترقوا الحائط الهش للوسطية والقيم الإسلامية والأخلاق المجتمعية العليا.. وأقول الحائط الهش لأنه بني على رسالة مسجد الأرض التي يدعو معظم دعاتها إلى «التكالب» على الدنيا. الخطباء ينصرفون إلى الدنيا عبر الأحزاب، والأوقاف يسارع كثير من مسئوليه إلى التكالب على بيع أراضي الأوقاف وكسب المال الحرام في غفلة من أجهزة الرقابة وعين القضاء. ولننظر كيف كان بعض مسئولي الوقف وكيف أصبحوا، ولا يحتاج النهار إلى دليل، ولكن عين الله لن تنام، وقد أعد الله العذاب في الآخرة لآكلي الوقف؛ والخزي في الدنيا، ولنا فيمن مضى أو لما يزل يعيش عبرة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. أما المدارس فنحن نعلم مناهجها وحال أساتذتها، وأما الإعلام فنسمع ونشاهد برامجه.. وعندما تحدث عملية إرهابية نتجاهل أسبابها وننصرف عن العلاج الحقيقي؛ مكتفين ببعض مقالات متشنجة، لنهدأ بعد ذلك وننصرف كالعادة إلى حياة الغفلة!!. إن وجود نية في النظر إلى هذا البارود القاتل الذي يشتعل بين حين وآخر ليحرق المواطن والأجنبي، القريب والبعيد، بشكل حاد ومسئول هو الحل الوحيد لتحويل هذا البارود إلى طاقة نورانية تضيء معالم الطريق، وتدفع عجلة التقدم إلى الأمام. لقد كانت عبارات «الوصية» التي كتبها هذا الطفل المنتحر دليلاً كافياً أن هذا الفكر لم يكن ثقافة منتشرة في الشارع، وإنما تعلم في مدارس خاصة، يعلم الجميع أين تقع، وماذا تعلّم، ومن هم أساتذتها. ولقد آن الأوان أن ننظر باحترام لتوجُّه الدولة الهادف إلى توحيد الأفكار حول هدف واحد هو هدف التنمية عبر وسائل الشرعية. ولابد أن ننظر إلى الإرهاب نظرة شجاعة لنعمل جميعاً على اقتلاع الأسباب من خلال تجذير العدل في مجتمعنا ورفع وتائر التنمية ومكافحة البطالة وتيسير الأعمال ونشر تعليم أساسي متطور، يهيئ أدمغة الأطفال لمواجهة مستقبل بالأمل الأخضر الجميل. كما أنه ليس عيباً أن نستورد خبرات إعلامية ودينية لتوطين فكر التسامح والمودة والحب، وهو ما دعا إليه الأخ الرئيس في أكثر من مناسبة.